منح إلهية
من المنح الإلهية التي بثها الله داخل أرواحنا؛ الحب الذي يمنحنا القدرة على حب الآخرين حباً نقياً خالياً من شوائب الأنانية، إن استشعار الحب من حولنا هبة لا يمتلكها الكل، ولنتفق أن أول من يزرع بنا المشاعر سواء كانت جيدة أم سيئة هي عائلاتنا التي تحدد لنا خلفياتنا، ولكن نظل نتعطش لمعرفة من نحن من داخلنا، إننا نتوق لوعي وفهم نظل نلاحقه للأبد، فنحن متشابهون جميعاً من الداخل، ونتوق لمن يفهمنا من الداخل، ومن يرانا على حقيقتنا دون زيف أو تصنّع، ولكن نظل نخاف من عدم الفهم ومن عدم التقبل ومن الرفض، وماذا لو فتحنا قلوبنا للآخرين وتم رفضنا؟ كيف سنتعامل مع هذه التجربة..
إن تراكم التجارب السلبية يجعلنا عرضة للقلق والضغوط، فأنت تحس أنك جزء لا يتجزأ من هذا الكون، وأنك جزء من شيء أكبر، لكن الجميع يسيطر عليه شبح معين في حياته قد يكون الإحساس بعدم الأمان، أو الخوف من الموت والفقر وغيرها الكثير من المخاوف، هذه الأحاسيس المزعجة والسيئة تنغّص علينا حياتنا وتجعل عقولنا متأهبة بدافع رد الفعل للبحث عن الأمان لنتخلص من هذه الأحاسيس.
فمنذ ولادتنا ونحن نحمل على عاتقنا جبلاً ثقيلاً من الضغوطات والإجهادات، ونظل نحمل تلك الضغوطات ونزيد عليها حتى الممات. نحن نحمل هم أنفسنا ومخاوفنا ومن الآخر ومخاوفنا تجاهه والقاسم المشترك بينهما هي تلك المعتقدات التي نتصورها عن أنفسنا وعن الآخر والتي نتجت عن تجاربنا الذاتية السابقة وتجاربنا مع الآخر. يُقال: ”لا يتحقق السلام إلا مع توقف الحرب“. وهذا ينطبق على أفكارنا ومشاعرنا، ماذا لو تعلمنا أن نشعر بالسكينة، أن نتحرر من كل تلك المشاعر المزعجة، قال أبقراط أبو الطب: ”إن كل مريض بداخله طبيب يستطيع أن يعالجه“.
لذلك الحب والرضا هو ما يشعرنا بالسكينة، هي طاقات لا يمكن أن نلمسها ولكن نحسّ بها، فنحن لا نستطيع رؤية ما بداخل الآخر ولكن نستطيع أن نحس بما يضمره سواء خوفاً أو حباً، تشاؤماً أو كراهية، رحمة أو قسوة، لذلك كانت السكينة سلوكاً مكتسباً نحتاج إلى تعويد، وإلى قناعات من الداخل تؤكد لنا حاجتنا للسكينة التي من خلالها تتضح لنا رؤية أنفسنا.