رحم الله المهندس أحمد آل فريد!
ما كنت أتوقع أن أكتبَ نعيًا ورثاءً في هذا الصَّديق العزيز، فكم من ذكرياتٍ جمعتنا، وكم بسطنا أحاديثَ المسرَّة والودّ؟ لكن الزمان يأبى إلا أن يشتتَ كلَّ اجتماع ويفرق كل حبيب!
كنت شابًّا في التاسعةَ عشرة من العمر عندما عرفته في الغربة، تائهًا وغريبًا، فكان هو وزوجته وكل الأصدقاء عائلتي الكبيرة، بهم استأنستُ، وبهم فرحت. وبعد ما تأهلتُ كانت زوجته أعظم صديقٍ لزوجتي، ومنذ ذلك الحين لم أر منه إلا البسمة والطيبة. ولو سألني أحد من هو أجمل صديقٍ عرفته لما عدوتُ أحمد!
الله! كم تبادلنا من أحاديث جميلة مع المهندس أحمد آل فريد طوال ما يقرب من أربعينَ عامًا في هندسة النفط، خلال فترة عملنا في شركة أرامكو. وكم دارت بيننا أكؤسُ الأحاديثِ الشيِّقة، وما كان هذا يخطر في بال أحدنا أن أحمد يرحل في هذه السرعة!
مرضَ أحمد منذ فترة وكان صابرًا محتسبًا، لا يبدي شكاية - والله العالم - كانت روحي لا تقر، تطير لكي تراه. وكان على أمل أن يأتيني موعد لزيارته، لكن ملك الموت كان أسرع من الزِّيارة. أقول لكم، ما خانني قلمي وما خانني صبري مثلما كانت الخيانة العظمى الساعة والآن، فليس إلا أن بكيته كما بكيتُ أخي وأبي وأكثر.
لا أريد أن أرى صورة حديثة لأحمد، لا أريد أن أمحو من ذاكرتي صورة الشابّ الممتلئ بالقوة والنشاط، أحمد الذي كان في العشرينات يحمل كتب ومقررات الجامعة، وأنا أسأله: يا أحمد من هو أفضل أستاذ؟ ويا أحمد كيف أعمل في هذا وفي ذاك؟
رأسُ الحكمة أننا نعرف أن نهاية الحياةِ الموت، لكن المؤمن مثل أحمد - وليس مجاملة - اسألوا من عرفه، إنما ينتقل من دارٍ إلى دار. إلى دارٍ يعود فيها شابًّا معافى، كما رأيته عام 1980م أو أجمل!
أرجو أن تصلكَ هذه الكلمات وسوف أصلي لك وأدعو الله الرحمة لروحك يا عزيزي أحمد آل فريد.
صديقك الودود: هلال الوحيد