آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

تأملات في نبض الذكريات

عبد الله أمان

ليست قبضة مِن لفائف أَوراق الذكريات العطرة، بحرارة أَنفاسها الشاهدة الفاحصة، سوى سلسلة حُرَّة مترابطة متجانسة، مِن إِكسير أَريج، وبلسم خليط مزيج مِن نَسَق بوتقات فوَّاحة فاخرة مخنارة، مستخلصة مِن أَريج عطور نفاذة طيارة شممناها؛ ومصحوبة بتدفق طلق مَن هُبوب نسمائم وافرة، نابعة مِن عُقر رحِم فجر بارد ناعم استنشقناها؛ وناهضة مرتدة مِن صقيل لمعان سُطوع سطح مشرق آخر مِن رقاع مختوم مِن بليغ سطور ديباجة منظومة ”منبثة منبثقة“ مِن جوف بزوغ وصدوع واقع ”سيرة ومسيرة“ حُبلى قرأناها، وفهمنا جُل مضمون فحواها استبشارًا؛ ثم احتفظنا بقوام عائد ريعهما العطر الطيب سويًا، كديدن نهج عادتنا المعروفة المألوفة سِراعًا وابتدارًا ”بفورة تعصب، ونفرة اهتمام“ بعظيم أَسرار سفط محتواها النفيس الثمين، القابع أَصالة ورصانة، في قرار مكين، في صميم أَعماق بطون مخزون مصرِف آمن في سفح ناصية ذاكرتنا النشطة؛ وقد احتفلنا بأُصول نقده السالك المتداول مرارًا، بتباشير ”شرف وترف“ منتظر في غمر حياض ميدان مواكب نسق الذكرى الزاهية؛ ومباهح محافل المواقف الزاهية جمعًا، تضم هِمم وعَزائم ورَكْب نخب الرفقة المباركتين الميمونتين، بانشراح وارتياح، ببهجة وفرحة ميلادهما البكر. الميسِّر، لطالما استحضرناهما وأَلفناهما بقبول جم رَدَحًا، وأَحطناهما، ببديع رشاقة إِطلالة، ولطيف فخامة مكانة، وأَجلِّ أَريحية شهامة، وأَرفع شرف نَبالة، وأَكمل سَعة استضافة مضيافة؛ ووعيناهما دومًا وعِيانًا، بنباهة جليلة رصينة، ورعيناهما بسماحة ذاتية أَمينة، حتى آخر سريان نبضة شاخصة لامعة، في وسط لفيف أَليف متجانس، مِن أَصل نسج سطور ذهبية عريقة، بأَعذب المعاني الجميلة، وأنيق نفحات الفكر الشاطحة؛ ونابضة واعدة بأَسمى الأُمنيات النبيلة، تقطن محبة وتقطر مودة، في ظلال زورايا وساعة َأكناف ذكرياتنا؛ وتسكن احتفاءً في عمق فساحة ورحابة أحضان خواطرنا؛ وتتربع بعراقة بصداها - الشذي الندي - في جميع أَركان حياتنا الحاضرة الماطرة…

وفي باطن جوهر، وحاضر مخبر صميم شاهد قمم صِهاء الوعي المتصدِّرة، فوق متون، وصدور، ومنابر عمق أَنفاس أأَفياض البوح الذاتية الصريحة، بكامل مفردات أَريحيات مساعٍ مبصِرة متبصِّرة، ومتسع ضفاف واسعة ساطعة، جمعتنا سَويًا، بسماحة وفُكَاهة، وإياكم، أيها الأحبة الغطارفة الكرام - ومَن نُحب، كافةً، بجانب براعة صهوة صَيت الظهور المتألق، وصوب سكون مقام حفاوة الحضور المتأنق، وفوق خشبة مسارح التصالح الشامل، مع مختلف ومؤتلف أطياف حبكات؛ وبزوغ سطوع ومضات؛ وفساحة تصافح وتناغم زهو التماعات؛ وتنامي مجمل حراك ”فلاشات“ أَسمى وأنبل مواقف الحياة، وقرع تقادم أَحداث أَمتع الذكريات الجاذبة النقية الصِّرف، والخالصة، في صحيفة سِجلِّها مِن مغبة الآثام؛ والخالية مِن سَفَه عُفبى سلاسل الخطايا العظام؛ والناجية مِن قهر المثول المواجه نِدًا في وسط حَومَانة احتدام ميدان منازلة ومقارعة مطارح الوعي الكامل لرصيد ريع الذكريات الحاضرة؛ والموعودة المجاهرة بكرامة التجلي النصوح المبجَّل تمكينًا وتشريفًا؛ والمتجسدة مثولًا بين بديع أَناقة، ورائع رشاقة وسط أَروقة الاستجمام الحاذبة الحالمة، والقائمة بين بهيج صفوف وثير أرائك الراحة المستدامة؛ والفائزة سبقًا، بجذب زهو نمارق الاتكاء الآمن؛ والمنعَّمة بمتعة رَخْص طنافس مجالس السكون الجم الناعمة المتناظرة حسنًا وجمالًا؛ والمدعوة لأهلية للحضور والقدوم المبجل المشرِّف احتفاءً، وسط لدن مطارف الدعة البادية مِن حولنا، في جوف سُدة غرف عَلية دافئة منورة، لطالما غمرناها؛ ونثرنا أَريج عِطرها الشذي في أَندى أَجوائها الفوَّاحة طوعًا؛ ونشرنا، بشفافية ولين، في كافة أَطراف وجل سائر أَجزاء مناحيها الساخنة، بكريم هبات ضافية مِن مديد وسديد زخم أَفياض أَنفاسنا الطيبة الزكية، وريع مخزون أَفكارنا النيرة الأََصيلة… لتختلط وتتمازج بروية وتؤده، ويُحفَظ ناتج عطاء إكسيرها الشافي؛ ويُسرمد رِفد بلسمها الناجع المبرِئ، معًا، بأصالة مسلك، ونقاء سَريرة - جنبًا إِلى جنبٍ - مع زهو أَكاليل مِن صِبغة خلاصات فيض أِسمى وأَنمى روائع الذكريات الفائقة الشائقة، المُودَعة أَمانة بكفاءة أَريحية؛ والمهداة بأَقدر جدارة اختيارية، وأَنقى صفاء حرية انتقائية - داخل قارورة بلورية المظهر، ولؤلئية المخبر؛ برشاقة ضاهرة مستدقة، وأَناقة حسن المنحر، وعِفاص مُحكم القفل، وجسم تلقائي العزل…لا تتسرب إلى جوفها، أَو تتبخر مِن استدارة قوس حدبة مستودعها قطرة واحدة؛ لتفسد وتضعف، أَصل ونصل، مخزون شذاها الندي البهي، إِلاَّ عندما نتوق صَبابة، بفائق لوعة؛ ونهرول صَبوة، بعظيم لهفة، إِلى ابتغاء واشتهاء ولثم وضم واستنشاق، رذلذ عطر أَحضان عَبق جوهر ذكراها العطرة النضرة، بشوق محفوف برغبة دافعة؛ وميل محروس ببلوغ مطلب متوَّج بنيل نشوةٍ مستضافة جامح!

وهناك في غمر فساحة شواطئ تِبرية المدرج، ووداعة كَوكبية المسرج، تحيطها وتزينها محاط منابع ”زمزمية“ المورد؛ لتستيقظ بفائق خِفة، وتدرج بناعم رِقة، وتسود بأصيل دماثة، وتندى بفيض نشاط، نزعتا «الابتغاء والاشتهاء» كلتاهما - من جديد - بحرية ذاتية رشيقة، منطلقة مِن مولد باكورة فجرً جميل حالم، متقاسمتين بتناوب ماثل، وتعاقب عادل، تاج التفاؤل القادم المنتظر؛ وحالمتين معًا، باستبشار زاخر مرادف، بفارغ صبر، جميل واعٍ، وفارع أُهبة صحوة مستنفرة؛ لإِتمام وإِنجاز رسميات ومواكب استقبالهما الحافل دومًا، بظافر جسارة، وواسع جراءة؛ والمرحَّب بنُزلهما شوقًا وودًا، بمزيد مِن رَتل وهَطل سيلٍ استنفار غامر طائف، ومدٍ مِن صولة زحف طوفان ساحب جارف، بناهض استعداد، ودائب تهيؤ ذائيين، بمعية جميع ”أِتراب أَسراب“ ومجاهر خلايا أدمغتنا الحاضرة، وبجل عُدّد مَجاس قِطاف قِمم حاضر حواسنا الشاهدة الناهضة، دون قيد تراخٍ متكلف في استدعائهما المسهَّل الميسَّر، ولا أَدنى قيد تحور أُنملة استهوان متحذلق، أَو صَنو كسل متملق، أَو نظير ضجر اشتهاء متصنّع، أَو استسلام لمستصغر ملل عارض، أَو استياء لمتلازمة عجز عابر، في سرعة تلبية رغبة إِلحاح، أَو إِجابة بغية إِصرار على مسألة طلب عاجل، بحثيث استحضارهما القائم الماثل، أَمام نقاء وصفاء ووضوح حاضر نَضَارة عدسات ناظرينا المترقبين الشاخصين، كلمح البصر، أَو هو أَقرب مِن بَدَران وهَيَجان وقع رفة ارتداد المد البصري الخاطف الرامق!