آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

ماذا بعد‎‎

يسرى الزاير

بسم الله الرحمن الرحيم «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 155 - 157]

البقاء لله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون.

اللهم لا اعتراض.

انما للفقد لوعة يبحث فيها الفاقدون عن ما يلملمون به حزنهم ومشاعرهم المتناثرة فلا يجدون سوى الضياع فوق اخاديد لهفة الوداع الاخير.

وها انا هنا استجدي مداد يراعي الذي جف من حرقة الشوق مذ أول المغيب.

ماذا اقول؟

من أين ابداء؟

عن آي حال؟ وبلسان من منا أنوب والكل حزيناً مكسور.

بلحظة خاطفة وقع المحتوم، خطفك الموت من بين أيدينا فاسدل ستار الغياب واكتسح الحزن نفوسنا ورمى فوق شعاع الشمس ديما.

أما سمر أماسينا، تلك التي تتسع بسمات ثغرها حالما تدنو خطوتك من بابها فيشق الفرح دوحة جمعنا، سادها الوجوم ونزف مدمعها وجعاً حارقاً لا وصفا يضاهيها.

ماذا بعد رحيلك المفجع ايا هل ترى يفعل الفقد فينا؟

ونحن كنا حيث كنتَ كيانا واحدا فغبت فلا قمرا بعد يضوي ليالينا.

متعجل دوماً كنت غالينا….

حتى الوداع الاخير شعرتك تسابق الثواني تنثر في الارجاء شذاك، متعمدًا وداعاً اخيرا مميزا كما عشت دوماً متميزا.

ماذا بعد…..؟

ولوعة اُمي شراع بلا مركب بعرض الحزن ابحر دون مجداف ولا صاريه.

وصدر أبي لهيبّ متقدُ، فلم يعد بعد اليوم ذاك الصمود الجلد.

تراه كما زوبعة ريح بكل الجهات عابرة دون كلل ولا مستقرا.

وكذا اخوانك بهم من حرقة فقدك وجعا، حمائم عشق يحومون حول نائبة عظمى، شقت لحمة الاخوة فقد خطف الموت جوهرة من بين نفائس الجوهر.

فكيف الايام تداوي غائر جرح لا يلئم.

اما مشاعرنا ممزقة بين مرارة الوقع وبين شهدنا الماضي.

تجدنا بعد رحيلك الموجع نلوذ بماضينا،

بذاك الدفء نلتحف بكنف من هما لنا فلك عطره عنبر.

نقلب صفحات ذاكرتنا، نغوص بعمرنا الفائت نجمع كنوز الذكرى، كذا الاشواق كما السكر نلعقها لعلى مرارتنا تهدىء.

ماذا بعد يا طارق…

سفرك الطويل للتو ابتداء وبه أبتدأ زلزال حكاوينا فلا مستقر بعد اليوم للبهجة التي كانت تحوينا.

الضحكات فوانيس خفت وهجها وارتبكت البسمة على الثغور وماج الحزن فينا.

ماذا بعد:

ايها الاب الغدوق الرؤف العطوف الحاني….

ايها الزوج الوفي، الشهم، المتفاني حتى الفناء.

امر على ابواب نزلك الخالي منك المظلمَ، الكئيب، المشتاق لراعيه الهادي.

فتثور مشاعري غبناً والحسرة تعتصرني على زهور توج اليتم عمرهن الغر الطري البادي…..

سريعاً رحلت أخي الوسيم المدلل، فرسم الفراق ملامحنا تيه وبعثر فينا الأنفاس والنبض.

حتى البوح غص بحروفه فلا ابجدية تسكب مشاعري وكل اللغات لرثاك أمست خرساء لاتنطق.

وحارت الدموع بالمقل فتحجرت فوق القلوب جبال.

أرنو لشرفاتك المحُ طيفك وكذا الابواب والطرقاتَ تفقدك.

شتات صار الوقت ام توقفت تكات الثواني عند مغيب شمسك. ايا بدراً وإن أفل تربع سناه وسط الضلوع وانار وحشة الفقدَ.

أمسيت بعدك بقايا أخت بعثرها الحزنٌ وشق صدرها فراقك واعتراها صمتا.

مؤلم رحيلك حقاً وعزائنا ذكرك الزاكي خالدا بذاكرتنا، كذا ملامحنا ودماءنا وكل خلايانا.

نم هانئاً أخي الحبيب

الى جنان الخلد ونعيمها ورحمة الله وغفرانه.

عظم الله لنا الآجر وجميع محبيه

ولكل من قدم لنا العزاء والمواساة جزيل الشكر والعرفان. حفظكم الله واطال اعماركم بكل خير وعافية.

ولنا سلوى بشعر الامام علي :

ألا هل إلى طول الحياة سبيلٌ وأنى هذا الموت ليس يحولُ.
وإني وإن أصبحت بالموت موقناً فلي أملٌ من دون ذاك طويلٌ.
وللدهر ألوانٌ تروح وتغتدي وإنّ نفوساً بينهن تسيلُ.
ومنزل حقٍ لا معرّج دونه لكلِّ امرئ منها إليه سبيلُ.
قطعت بأيام التعزر ذكره وكلُّ عزيز ما هناك ذليلُ.
أرى علل الدنيا عليَّ كثيرةً وصاحبها حتَّى الممات عليلُ.
وإني لمشتاق إلى من أحبه فهل لي إلى من قد هويت سبيل؟
وإني وإن شطّت بي الدّار نازحاً وقد مات قبلي بالفراق جميلُ.
فقد قال في الأمثال في البين قائلٌ أضرَّ به يوم الفراق قليلُ.
لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فرقة وكلُّ الذي دون الفراق رحيلُ.
وإن افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ دليلٌ على أن لا يدوم خليلُ.
وكيف هناك العيش من بعد فقدهم لعمرك شيءٌ ما إليه سبيلُ.
سيُعرضُ عن ذكري وتُنسى مودتّي ويظهر بعدي للخليل عديلُ.
وليس خليلي بالملول ولا الذي إذا غبت يرضاه سواي بديلُ.
ولكن خليلي من يدوم وصاله ويحفظ سرّي قلبُهُ ودخيلُ.
إذا انقطعت يوماً من العيش مدَّتي فإن بكاء الباكيات قليلُ.
يريد الفتى أن لا يموت حبيبه وليس إلى ما يبتغيه سبيلُ.
وليس جليلاً رزء مالٍ وفقده ولكنَّ رزء الأكرمين جليلُ.
لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجعٌ وفي القلب من حرِّ الفراق غليلُ.