عباس الصفار: تجربتي مع السرطان ”قاسية“ لكنّها عززت ثقتي بالله «فيديو»
تجربة إنسانية مع المرض الخبيث:
- شعرت بأنني ”طفل“ رضيع وزوجتي هي الوالدة الحنون
- تعاطف الناس معي وسؤالهم عني ساهم في رفع حالتي النفسية لمقاومة المرض
عباس الصفار، يعد واحدا من أبناء هذا البلد ممن أصابهم ”طاعون العصر“، أو الذي يطلق عليه بـ ”المرض الخبيث“، الذي يطال الإنسان في أي جزء من جسده، فيعبث ويعبث وينهي حياة صاحبه، وقلّما تجد شخصا أصيب بهذا المرض فنجا منه، خاصة إذا لم يتم تدارك المرض ومعالجته في الفترات الأولى من اكتشافه.
الصفار، الذي تحدث لـ ”جهينة الإخبارية“ عن تجربته في التعامل مع المرض أكد بأن ثمة عوامل نفسية واجتماعية، فضلا عن العلاجية الأخرى ساهمت في تحقيق الشفاء التام من المرض، والخروج من هذه التجربة التي كانت ”قاسية ومؤلمة ومزعجة“، استمرت لمدة ستة أشهر.
وأبرز هذه العوامل هي الحالة النفسية، وجهود الزوجة «أم فاضل»، وتعاطف الناس، وكل ذلك بعد توفيق وإرادة المولى جل شأنه.
يقول الصفار بأنه عرف بـ ”الصدفة“ أنه مصاب بالمرض الخبيث، إذ عانى انتفاخا في جزء من بدنه فقصد المستشفى بالظهران «بحكم كونه موظفا متقاعدا من شركة أرامكو السعودية»، فكان لا بد وأن يخضع لفحوصات وتحاليل معينة، كشفت عن أنه مصاب بالمرض الخبيث وعليه أن يدخل البرنامج العلاجي اللازم لمثل هذا المرض، وهو العلاج الجراحي واستئصال الورم، ثم العلاج الكيماوي لمنع عودة المرض، ذاك لأن المرض ”خبيث“ يمكن أن يعود في أي فترة، في أي مكان آخر في الجسم.
واستمرت القصة حسب الصفار أيضا ستة أشهر من العلاج والذهاب من وإلى المستشفى، متحمّلا المسافة الطويلة نوعا ما من القطيف إلى الظهران، ولا تكمن الصعوبة في التنقل وإنما في العلاج نفسه، فـ ”العلاج متعب، والكيماوي مرهق، والله يساعد الذين يأخذونه“، وتكمن الصعوبة في الأمر أن المريض يصل على مرحلة أن كل شيء يتناوله لا يبقى في جوفه بل يخرجه، ولا يستفيد منه، ولا يتوقف هذا الأمر على طعام دون آخر، بل حتى الماء الذي يشربه الإنسان يخرج من فيه إذا كان مريضا بهذا المرض الخبيث.
والنتيجة بناء على ذلك هو الخضوع للأمر الواقع، والتداوي عبر أكياس ”المغذّي“ التي يصفها الأطباء لكل من يعانون مثل هذه الحالات، ومثلهم من يفتقدون شهية الأكل، وهم مع ذلك يفقدون جزءا كبيرا من أوزانهم، يكفي أن الصفار نفسه فقد 25 كيلوغراما من وزنه خلال ستة أشهر، وكل هذا بسبب عدم الأكل والاقتصار على أكياس المغذي.
ومع كل هذه المعاناة، غير المتصوّرة، والتي يصعب وصفها، يؤكد الصفار بأنه خلال تلك الفترة كان يتمتع بنفسية عالية، وثقة مترسخة في داخله من أنه سوف يتجاوز الأزمة، وكان يحدث نفسه بأن ما يجري له هو ألم معين سوف يزول، وكان مسلّما أمره لله تعالى.
وبعد أن تماثل للشفاء، واستقرت حالته الصحية، يؤكد الصفار بأنه خلال التجربة القاسية المؤلمة يتوجه بالشكر لله أولا، فهو المشافي والمعافي، فهو الذي ”يمرض ويشفي“، وكل شيء تحت إرادته جل شأنه، فلم تتزلزل لديه ثقته بالله جل شأنه، لذلك كان الشفاء بفضل الله.
وبعد إرادة الله، يرى الصفار بأنه عاجز عن شكر مجموعة من المحيطين به، الذين كان لهم الفضل بعد الله في هذا الشفاء، وفي مقدمتهم زوجته بشرى الصفار «أم فاضل»، التي كانت معه طوال ستة أشهر، لم تتركه لحظة، بل كانت ترافقه في المستشفى فتجلس طوال الليل والنهار على الكرسي لا تقصد السرير، حتى لا يغلبها النوم، فتظهر حاجة عنده لا تكون هي عند الطلب. فقد كنت طفلا بيدها وهي والدتي الحنون.
يصف الصفار هذا الوضع بقوله: ”إن زوجتي كانت تعاملني مثل معاملة الطفل الرضيع، تقوم بحملي ونقلي من مكان إلى آخر، وتشرف على استحمامي ونظافة جسمي وملابسي، فضلا عن إطعامي بطريقة ما يقوم به الأمهات لأطفالهم الرضع، فأنا في تلك الحالة مثل جثة هامدة أتعرّض لإغماءات متفرقة ومتعددة، وهي معي لا تفارقني حتى أنها لم تقم بزيارة أهلها بسبب حالتي الصحية، فكان أهلها «وهم أبناء عمي أيضا» من يقومون بالزيارة والمواساة لها ولي“. ليخلص إلى القول بأني ”سوف أظل شاكرا لزوجتى، وإلى أن أموت فلن أخرج من معروفها“.
وأما الطرف الآخر الذي كان قد ساهم في رفع معنويات الصفار لمواجهة المرض هم أبناء المجتمع، الذين وصف موقفهم تجاهه بأنه كان عاملا هاما في تجاوز المرض، فأنا حين أقدم لهم الشكر فهذا قليل. ليؤكد بأن ”حقيقة أن 80% من الشفاء يعود للحالة النفسية قد رأيتها ماثلة أمامي خلال التجربة المرضية“.
الجدير ذكره في حديث عباس الصفار أنه يتمتع بعلاقات اجتماعية متميزة، كونه جزءا من المجتمع الرياضي في محافظة القطيف، إذ كان لاعب كرة قدم في نادي الترجي، ثم عمل إداريا في النادي، وبعد ذلك كان مشرفا على أحد فرق الأحياء في المحافظة وهو فريق ”مرسيليا“ المعروف لدى متابعي النشاط الرياضي لفرق الأحياء «الحواري»، مما أكسبه شعبية كبيرة، تضاف إلى حسن أخلاقه وتعامله مع الآخرين، جعلهم في وضع المتابع الدائم لحالته الصحية طوال فترة مرضه، والتي استمرت لستة أشهر جرت خلالها عدد الفعاليات الرياضية الخيرية في الأحياء كان الصفار جزءا منها، ومشاركا فيها بحضوره الشخصي وبفريقه المميز «مرسيليا»، هي «دورة الجراري الخيرية بالقطيف، دورة كافل اليتيم بتاروت، دورة المنيرة الرمضانية، دورة الزواج الخيري بتاروت»، وكان يتم الدعاء له بالشفاء خلال هذه الفعاليات وباستمرار، وقد تم لهم ذلك وعاد سليما معافى، ولله الأمر من قبل ومن بعد.













