آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

وجوهنا تعبر عن الحب أم الكراهية؟

كاظم الشبيب

وجوهنا هي هويتنا الكاملة. أغلب الناس يعرفون بعضهم من الوجوه لا من الطول أو العرض. لأن الوجه هو مركز الهوية الفردية، بما فيها من لون البشرة، لون العينين، الشكل الهندسي للوجه، ولكل وجه حكاية. وجميعنا يؤمن بأن الوجه الباسم يعبر عن جمال الشخصية وإيجابيتها، على عكس ما يعبر عنه الوجه العابس من سلبية مؤذية.

فوجه المحب يشع ويبث المحبة، بينما وجه المبغض يشع ويبث الكراهية. كذلك الحال بالنسبة لوجه الهويات الجماعية عند أهل الهويات المختلفة. 

الوجه هو مركز الهوية - الموضع من الجسد الذي نمنحه انتباهنا، إننا لا نتعرف على الناس من أياديهم أو أقدامهم، حتى أولئك المقربين منا. بمقدور الرضع الذين لا يتجاوز عمرهم الساعات تقليد تعابير الوجه الصادرة من البالغين، رغم أنهم لا يدركون إلى ماذا أو إلى من ينظرون، ولن يتمكنوا من التعرف على صورهم في المرآة إلا بعد مضي عدة أشهر. يبدو أن الأطفال يملكون وعياً حسياً وبصرياً وحركياً لوجه الشخص الآخر، وهو ما أسماه بعض الباحثين باستجابة «مثلي أنا» المفضية إلى التقليد، كما تسمى أيضا ب «تداخل الذوات الأولي». * 

فكما ان الوجه هو المعبر عن الهوية بالنسبة للجسد، فإن وجه أهل الهويات المعبر عن هويتهم يتمثل في أفعالهم وأقوالهم ومواقفهم. فهناك أهل هوية معروفين بالمحبة والتسامح والإنسانية، وهناك أهل هوية معروفين بالشدة والانغلاق والتباغض. هي حالة لا تدوم في الهوية الجماعية. هي حالة متبدلة بين جيل وآخر، ومتحولة وفق عوامل داخلية، داخل أهل الهوية الواحدة، وعوامل خارجية محيطة بهم، وينطبق على حالهم القول المشهور ”دوام الحال من المحال“.

نحن لا نتحدث عن فهم الوجوه، الفردية او الجماعية، بواسطة علم الفراسة أو ما أشبه، وإنما نتحدث عن القراءة الطبيعية لوجوه الآخرين. 

لذا، كما أنه ليس من السليم الأخذ بالانطباع الأولي لوجه المرء وهو في حالة التوتر، الحزن، الغضب، والصراع، ثم نبني على انطباعنا الموقف منه، كذلك من السليم أن لا نأخذ بالانطباع الأولي عن أي جماعة متوترة أو تعيش ظروف اضطهاد مستمر مثلما يعيش المسلمون في بورما ويعيش المسيحيون في كوريا الشمالية حيث لا يسمح لأي أديان أن تمارس شعائرها. فالوجه يعبر عن شخصية المرء الفردية أو الجماعية في حال الاستقرار دون منغصات، حينها يمكننا قراءة الحب أو الكراهية منها والخروج بالانطباع الأقرب للحقيقة. ولكن علينا الوثوق بأن وجوهنا، الفردية أو الجماعية، لن تبقى كما هي عليه لأن عوامل التعرية المتغيرة تغيرنا أيضاً، هذا ما يؤكده المقطع المرفق: من أنا؟ الهوية الشخصية: 

 

* ص 108، مجلة الفيلسوف الجديد، النسخة العربية عدد 4، عن كتاب ”المرأة التي تنظر إلى الرجال وهم ينظرون إلى النساء“ للكاتبة الأمريكية سيري هوستفيدت.