لَيِّنُ الْجَانِبِ
سكَنَ هَدِيرُ الرَّعْدِ، تَلألأَتْ النَّجْومُ بَعْدَ الغَيْثِ فِي الأُفُقِ، ازدانَ بعِقْدٍ اسْتأْسَرَ بَهاءَ نُفوسٍ نهِلتْ وعَلِقَتْ بمُبْدِعٍِ ليسَ لهُ نَظير في هذا الوجودِ.
يا لها من لحظةٍ تخرجُ منها قاماتُ فخرٍ متألقةٍ، عشقتْ إبداعاتِ الإلهِ وامتزجتْ مشاعرها بنورهِ سبحانهُ الذي هو كمِشْكَاةٍ فيها مصباحٌ وضِع في زجاجةٍ تبرقُ كأنها كوكبٌ دُّرِّيُّ؛ يوقدُ مِنْ شجرةٍ زيتونةٍ مباركةٍ يكادُ زيتها يضيءُ ولو لم تمسسهُ نارٌ، نورٌ على نورٍ.
لديهم بهجةُ نفسٍ تحكمُ علاقاتهم، وطيبُ خاطرٍ يسكنُ أفئدتهم، وراحةُ بالٍ تؤنسُ مَنْ يجلسُ معهم. وتحمَّلُ عناءٍ وصِعابٍ جلُّ ما يُميزهم.
نظرةٌ منهم تؤسسُ لحلٍ في فضِ نزاعاتٍ، وبعد رؤى تُطرحُ تفضي لإنهاء المعضلاتِ.
إيمانهم باللهِ هو عمادُ ما يحملونهُ، رغبتهم حثيثةٌ في تلمسِ حاجاتِ الناسِ وقضاء ما يحتاجونهُ.
لا تثني مِنْ عزيمتهم سوءُ قولٍ أو فعلٍ مِنْ متطاولٍ، دأبهُ العيشِ على جراحاتِ الناسِ،
وغايةُ ما يتمناهُ ويسعى لهُ هو أَنْ تدَبَّ مشكلةُ مِنْ هذا الطرفِ أو ذاكَ. فهم يتمحورونَ حول ذواتهم، لا يرونا التكاملَ مع أحدٍ، نجاحٌ يحققُ يُفسرونهُ بأنهُ موجهٌ ضدهم وسوفَ يُقصيهم.
نقيضُ مَنْ لانَ جانبهُ وصفتْ سّريرَتهُ، وعلتْ أهدافهُ، وتسامتْ مقاصدهُ، وتصاغر الانا لديهِ. سيحلَّقُ في كَيْفٍ مثمرٍ منتجٍ، وعلوٍ متجددٍ مستمرٍ، لا تطرق له صغائرُ الأمورِ بابًا، ولا تنقصُ كبائرها منهُ عزيمةً تشرَّبها وجُبِلتْ عليها نفسهُ التواقةُ للخيرِ واحتلتْ لديهِ موضِعًا ومكانةً.
هانتْ عليهم أنفُسهم من ضيمٍ نزلَ بِهم مِنْ قريبٍ أو بعيدٍ مُحتسبينَ بذلكَ عظيمَ منزلةٍ سينالونها عند المَنَّانُ سبحانهُ وسيغدقُ عليهم جلَّ شأنهُ بسِّدْرٍ مَخْضُودٍ وطَلْحٍ مَّنْضُودٍ وظلٍ ممدودٍ وماءٍ مسكوبٍ وفاكهةٍ كثيرةٍ لا ممنوعة ولا مقطوعة.