الشيخ أبو الكساوي: التعايش وقبول الآخر أبرز سمات ”الإنسان السوي“
في أمسية حوارية بمنتدى الخط الحضاري
توصلت أمسية حوارية نظمها منتدى ”الخط الحضاري“ الثقافي بمحافظة القطيف، إلى أن التعايش مع الآخر ”حقيقة ثابتة“ لا ينبغي الخروج منها لأي إنسان سوي، وأكد عليها الإسلام وسار وفقها الرسول الأعظم ﷺ، وأن الآخر لا يعني ”الإنسان“ فقط، بل يشمل الشجر والحيوان والطبيعة وما إلى ذلك.
عقدت الأمسية مساء الخميس بمقر المنتدى الدائم بمنزل الإعلامي فؤاد نصر الله، وكان ضيف الأمسية هو الدكتور الشيخ الشريف أبو الكساوي، الذي قال: حينما خلقنا الله جل شأنه لم نعط أي إشارة أو استشارة، فربما لو سئلنا عن مكان خلقنا ومعيشتنا لاختار الواحد منّا بلدا بعينه وشكلا وصورة بعينها، ولكننا وجدنا أنفسنا بهذه الأشكال في هذه البلدان على كوكب الأرض، كما وجد غيرنا بدون استشارتهم كذلك.
وأضاف: يكفينا فخرا بأننا وجدنا أنفسنا بهذه السمات الإنسانية التي أكدها الإسلام الذي هو امتداد للتعايش مع الآخر، وإذا فقدنا المعنى الحقيقي الإنساني نكون قد فقدنا المعنى الحقيقي للإسلام من الأصل.
وقال أبو الكساوي، خلال الأمسية التي أدارها الشاعر السعودي على المادح: حينما نؤكد على مسألة ”التنوع وقبول الآخر“ علينا أن نحدد هذا الآخر الذي ينبغي أن نتعايش معه نقبله، هذا الآخر هو الإنسان والحجر والشجر، بل هو كل شيء في الحياة، إذ يقول الرسول ﷺ: ”أماطة الأذى عن الطريق صدقة“، و”لكل كبد رطب أجرا“، وكما ورد بأن امرأة سقت كلبا، ليس بإناء فاخر من الذهب وإنما بحذاء فدخلت الجنة فما بالك لو كان هذا المعروف موجها للإنسان، كما أن الرسول الأكرم كانت بيوعه مع اليهود، بل قيل إنه حين وفاته كان درعه مرهونا لدى يهودي.
وفي هذا الصدد، لفت الشيخ أبو الكساوي إلى أن كل شيء وكل طرف يكون في موضع الضعف هو الآخر الذي ينبغي قبوله والتعايش معه، بكل ما فيه من خير وشر، ولا معنى أن تكون ضعيفا وتقبل الآخر، فهذا ليس آخر بل مفروض عليك وأقوى منك، عليه هو أن يتعايش معك.
وخلص إلى القول إن التعايش مع الآخر، هو التصالح والتبادل والتعالق والقبول والاحترام المتبادل... الخ، وأن يكون كل هذا سائرا ضمن المنحى العملي وليس باقيا ضمن المنحى النظري، وهذا يقتضي أيضا ان تتعامل مع الآخر بكل ما فيه، وتتخلى عن بعض وجهات النظر الذاتية، فالناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، ومن يسري وفق هذه المعادلة هو الإنسان السوي ومن يتجاوزها ويمارس خلافها فهو غير سوي، بل قد يدخل في دائرة الخطأ.
ويرى الشيخ أبو الكساوي أن التعايش مع الآخر يقتضي التجرد والتخلّي عن بعض الصفات الذاتية ضمن إطار التعامل مع الآخر، فالتعامل العملي مع شخص مخالف في العقيدة لا ينبغي أن يكون على أساس فقهي، فمن صنع الدواء والغذاء والآلات لا يعرفون المساجد ولو تعاملوا بهذا الأمر وفق ذواتهم ومصالحهم الذاتية لما جاءنا شيء منهم، ولو سرنا نحن وفق مناهجنا الذاتية لما عشنا في الحياة، بالتالي فالتعامل مع الآخر إنسانيا مسألة هامة والحوار مع الآخر مرحب به، وهذا لا يعني غض النظر عن الخلافات بل هي دعوة للتأكيد على أن نقاط الاختلاف لا تدعو إلى العداء.
وذكر أن المسؤولية ثقيلة حينما نفقه معنى التعايش، وأن نخرج عن إطار الضغط المذهبي، الذي يركز على نقاط ضعف الآخر وأخذه بها، في حين ينبغي أن نركز على نقاط والقوة والتقاطع معها والاستفادة منها، وهنا تأتي مسألة التربية والتعليم وما شابه ذلك.
وجرت خلال الأمسية بعض المداخلات التي دارت حول نطاق ”التنوع وقبول الآخر“، فقال الدكتور عبدالعزيزالحميدي: إن التعامل الإنساني هو الذي أكد عليه الإسلام، وهو يدور حول مسألة الأخلاق وسموها، انطلاقا من الحديث المشهور عن النبي قوله ”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق“.
وقال راعي الأمسية الإعلامي فؤاد نصر الله: إن بعض المسلمين حينما يقرؤون آية ”ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم“ يظن أنها داعية للعداء وعدم التعاون والتقاطع، في حين أن مسألة الرضا نسبية، فالواحد في كثير من الأحيان يكون غير راض عن نفسه وعن ولده وعن أهله.
وشدد أحمد منصور الخرمدي على مسألة التربية الدينية، التي ترى بأن الدين المعاملة، فلم تحدد هذه المعاملة مع من، فهي مع الكل غض النظر عن دينيه وعرقه ومذهبه.
وفي هذا الإطار تحدث مصطفى أبو الكساوي ”وهو ابن الشيخ المحاضر“، الذي أورد بأنه درس مع أشخاص لا دينيين، فكان التعامل معهم إنسانيا بحتا، من الطرفين.
وأما علوي الخباز، فذكر بأن الخلافات بين البشر موجودة منذ القدم، ولكن السياسة في بعض الأحيان هي التي تؤججها وتنفخ فيها.
وقال رجل الأعمال عبد اللطيف النمر: نحتاج لأن نسير بالمنهج الإسلامي الصحيح الذي يؤكد على الأخلاق والأدب في التعامل، فما نشهده في الساحة الإسلامية والعربية هو تعامل غير إسلامي، وينبغي علينا أن نأخذ تجربة الغربيين في تجاوز خلافاتهم التي أنتجت حربين عالميتين راح فيها ملايين من الناس، فأنتجوا حضارة حديثة كلّنا يشهد حقائقها على الأرض.
أما اللواء عبد الله البوشي، فقد أكد بأن الرسول الأكرم ﷺ كان يسير وفق آلية التنوع وقبول الآخر، وهذا أولى بنا أن نسير وفق هذا النهج الكريم.
واختتمت الأمسية بقصيدة شعرية قدمها مدير الحوار الشاعر علي المادح الذي وجهها إلى السودان.

















