الرضاعة الطبيعية وصحة الأم بين الحقيقة والإشاعات
يعتبر حليب الأم الغذاء الأفضل للطفل، والذي لا يمكن أن تدعي أي شركة منتجة للحليب أن حليبها أفضل منه للطفل، ولمعرفة هذه الشركات بذلك اتجهت اتجاهات أخرى للتسويق إلى الحليب الصناعي، ومن هذه الاتجاهات هو ربط الرضاعة الطبيعية بالتغيرات الفسيولوجية التي تحدث للأم سواء أرضعت أو لم ترضع، كما قامت بإخفاء فوائد الرضاعة الطبيعية عن الأم.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، انتشرت عدة أفكار في المجتمع عن الرضاعة الطبيعية وكثيرا ما تتوارد علينا أسئلة عدة، من بينها ما يلي.
ما صحة أن الرضاعة الطبيعية تشوه جمال الثديين؟
ما صحة أن الرضاعة الطبيعة هي سبب الإرهاق؟
ما صحة أن الرضاعة الطبيعية سبب لتقرح الثديين؟
ما مدى صحة اعتقاد بعض الأمهات أن الرضاعة الطبيعة تؤدي إلى نقص المواد الغدائية لدى الأم كالحديد والفيتامين د؟؟
وللإجابة عن هذه التساؤلات لابد أن نكون مطلعين على الأسباب الحقيقة لهذه التغيرات، وعلى الدراسات التي أجريت على الأمهات المرضعات والتي أثبتت أن الإجابة عن هذه الاسئلة «أنها كلها غير صحيحة».
أما بالنسبة لجمال الثديين، فقد أثبتت الدراسات أنه إذا قامت الأم بإرضاع طفلها بالطريقة الصحيحة وهي مرتاحة، ومسندة ظهرها ومن ثم رفعت طفلها ليكون فمه مواجها لحلمة ثديها ويكون مستقيما ومواجها وملتصقا بها ومدعوما فإن الإرضاع يزيد من جمال الثدي، اذ أن هرمونات الحمل التي تهيأ البطن ليحتوي الجنين تسبب الاسترخاء لجميع عضلات الجسم، ومن ضمن ذلك عضلات الثدي فإذا ولدت الأم ولم ترضع، فإن الثدي يترهل لأن الهرمونات اختفت من جسمها فجأة بعد الولادة، ولكنها إذا أرضعت بالطريقة الصحيحة فإن هرمون إدرار الحليب والذي يحل محل هرمونات الحمل بعد الولادة ويقل تدريجيا أثناء الإرضاع يساعد على تشكيل الثدي وعودة عضلات الثدي جزئيا إلى وضعها قبل الحمل، ولكن الخطأ الذي يحصل أثناء الإرضاع في طريقة وضع الطفل بعيدا عن الأم وبشكل غير صحيح يؤدي إلى أن الطفل يلجأ إلى سحب الثدي ليجعل وضعه مناسبا لإخراج الحليب وقد يؤدي ذلك إلى ترهل الثدي.
وأما الإرهاق فإن الدراسات والأبحاث العلمية أثبتت أن الجهد الذي تبذله الأم المرضع في الأسبوع الأول يكون من الدرجة الثامنة، إلا أنه ينزل إلى الدرجة الأولى تدريجيا خلال الثمانية الأسابيع الأولى من العمر، بينما يحتاج إرضاع الحليب الصناعي إلى جهد من الدرجة السادسة في الأسبوع الاول ويقل خلال الأسبوعين الأوليين إلى الدرجة الرابعة، ومن ثم يبقى في الدرجة الرابعة حتى الفطام، كما أثبتت الدراسات أن الأم التي ترضع رضاعة طبيعية قد تنام مدة أقصر، إلا أن نومها يكون أعمق وأكثر فعالية في بث النشاط في جسدها،
أضف إلى ذلك أن حليب إطلاق الحليب - الأوكسيتوسين - يساعد على الاسترخاء، ويعطي الأم الشعور بالرضا والسعادة.
أما سبب تقرح وتشقق حلمة الثديين فهو تعلق الطفل بطريقة غير صحيحة، إذ أن الطفل إذا أمسك الثدي بطريقة صحيحة وتعلق بالثدي بطريقة صحيحة بحيث يكون ذقن الطفل ملاصقا لثدي الأم وشفتاه مقلوبتان للخارج وفمه مفتوح، وفمه مملوء بثدي أمه، بحيث ترى الهالة العلوية أكثر من السفلية، فإن الطفل يمسك بالثدي بحيث يكون لسانه أسفل الثدي وفوق الفك السفلي، مما يمنعه من الضغط على حلمة الأم وإيذائها ولكن إذا أمسك الطفل الحلمة بين فكيه فإنه سيضغط عليها ويؤلمها ويشققها، لذا فإن الطريقة الصحيحة للإرضاع تخفف من آلام الأم وتساعدها على الاسترخاء، وتجعلها أكثر تحملا للألم والضغط النفسي بسبب هرمونات إدرار واطلاق الحليب
وتحتاج الأم المرضع أن تتغذى الغذاء الصحي الذي يجب على جميع النساء تناوله وتحتاج فقط أن تزيد كمية غذائها بمايعطيها 500 سعرة حرارية إضافية فقط، كأن تتناول علبة زبادي مع ملعقة أرز، فكمية الحديد وفيتامين د تكون ثابتة في حليب الأم، ولا تؤثر في مخزون الأم منهما، ولكن إذا كان لدى الأم نقص في فيتامين د، فإن ذلك قد يؤدي إلى نقص فيتامين د في حليبها، وبالتالي يؤدي إلى لين العظام عند الطفل، لذلك لابد من قياس نسبة فيتامين د عند الأمهات وعلاج الأم المصابة بنقصه.
وللرضاعة الطبيعية فوائد كثيرة للأم، فالأمهات المرضعات أقل اصابة بسرطان الثدي والرحم والمبيض وحتى الغدة الدرقية كما أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية.
وتعود الأم المرضعة إلى وزنها قبل الحمل أسرع من الأم التي لا ترضع وليدها، كما تعود جميع أجهزة جسمها إلى وضعها قبل الحمل أسرع، كما أن الأم المرضع أقل اصابة بأمراض السكري والضغط وتصلب الشرايين، ولقد أثبتت الدراسات أن الأم التي اقلعت عن التدخين أثناء الحمل لا تعود له إن أرضعت ولدها.
وتوفر الرضاعة الطبيعية على الأم الجهد، وتعطيها الوقت للاعتناء بنفسها وعائلتها، كما أنها توفر عليها المال، كما أن الأم المرضع تشعر بالنجاح والاعتزاز بنفسها خاصة إن أكملت الرضاعة عامين كاملين.
فالرضاعة الطبيعية مفيدة للأم كما أنها مفيدة للطفل، فعليك عزيزتي الأم المحافظة عليها، وعدم تصديق كل ما تسمعينه دون الرجوع إلى ذوي الاختصاص.