آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

الكتاب الورقي وقضايا النشر

محمد المبارك

بدأنا الخوض في غمار التأليف منذ حوالي أكثر من عشرين سنة مضت وبالتحديد عام 1421 هـ ، عندما طبعت كتيباً يدور حول الإمام الحسين وزياراته وكان الكتيب بعنوان «الدرر الذهبية في الزيارة الحسينية»، وكانت بحمد الله تعالى محاولة ناجحة حيث في بداية الأمر كانت التجربة بخمسين نسخة تم بيعها في غضون أيام ومن ثمّ طُبع الكتاب بكمية تجارية «1000 نسخة»، وتمّ بيعها في وقت يعد قياسياً.

وكان هذا هو الحال مع بقية المؤلفات والإصدارات «مقالات في التربية والاجتماع، أطياف فكرية، عصارة قلم....الخ».

وغيرها من المؤلفات إلى أن بدأ الكتاب الإلكتروني والكتاب الممغنط أن صح التعبير في الأسطوانات وغيرها، وأخيراً الكتاب المسموع الذي أخذ في الانتشار، فبدأ الكتاب الورقي في التقلص والتراجع وقلة الطلب وبدأت معاناة المؤلفين مع هذا النوع من الكتب بحكم قلة الطلب عليه، إلى درجة أنه مجرد أن يراك صاحب المكتبة أو القرطاسية تحاول الدخول إلى مكتبته وأنت في يدك حزمة من الكتب حتى يشير إليكم أننا لا نريد كتباً لأنها تأخذ حيزاً من المكان دونما فائدة تذكر، فتجر أذيال الخيبة والحسرة برجوعك وركن الكتب في زاوية في بيتك أو في مكتبتك الخاصة بعدما بذلت ما بذلت من الوقت والجهد والمال.

فالأسف كل الأسف أصبح اليوم الوضع هكذا بالنسبة للكتاب الورقي فأصبح البعض يتحاشى التأليف والطباعة بسبب الوضع القائم حالياً وحتى وإن نوى الطباعة فالوضع اختلف الآن فبدلاً من طباعة ألف نسخة أصبح العدد خمسمائة أو ربما حتى ثلاثمائة أو أقل للأسباب التي ذكرناها من قلة الإقبال على الكتاب الورقي بسبب وجود منافسيه كما ذكرنا آنفاً من الكتاب الإلكتروني والكتاب المسموع..الخ.

هذا من جهة ومن جهة أخرى غلاء الطباعة ولاسيما المحلية منها، فالشيء بالشيء يذكر كما يقال، فأنا الآن أعمل حالياً على إخراج معجماً لبعض كتّاب الاحساء ولم أفكر بالطباعة للأسباب المذكورة لكن بعض الأصدقاء أقنعني بها «أي بالطباعة»، حتى ولو بعدد يسير «300 بدلاً من 1000»، فقلت في نفسي دعني أسعّر الكتاب مبدئياً بحسب المواصفات المتوقعة للكتاب، فذهبت إلى أحد الأخوة قريباً من الاحساء «داخل المملكة»، فطلبت منه التسعيرة بالعدد المطلوب وهو ثلاثمائة نسخة فقط، وإذا به يعطيني سعراً فلكياً «كما يقولون»، فقلت له السعر مبالغ فيه فقال أذهب إلى بيروت ستجده بنصف السعر.

والخلاصة أن الكتاب الورقي لن نقول أنه سيختفي كلياً وإنما سيضعف تداوله وطباعته ونشره بشكل كبير أن لم نساعد المؤلف ونساهم في إحيائه «أي الكتاب الورقي»، من جديد وذلك بالإسهام في توفيره من خلال النظر في تعديل سعره سواء في الشراء أو الطباعة أو غيرها.

وأخيراً نأمل أن يشارك الجميع في النهوض بمستوانا الثقافي والأدبي قرّاء وكتّاب ومؤلفين وأن يحتفوا بالكتاب ولاسيما الورقي منه فهو الأصل الذي يسمو بنا معرفياً وثقافياً.