ثوب الرياء يكشف عما تحته
الرياء هو مصطلح إسلامي يشير إلى فعل المرء العبادة من أجل أن يراه الناس، وايضا يطلق على من يفعل الشيء بقصد أن يراه الناس، أو من أجل أن يقال هذا شخص صالح، أو لإرضاء الناس ولا يهتم بإرضاء الله.
يشتكي كثير من الناس الرياء وضعف الإخلاص. وهذا أمر قلّ من يسلم منه، وهو أخوف ما خافه النبي ﷺ على أمته لخطورته وخفاءه.
ومنشأ الرياء وسببه؛ الجهل بالله سبحانه وعدم تعظيمه، فإن العبد لو عرف الله حق معرفته لاستحيا أشد الحياء من أن يطلب الثناء والمنزلة عند مخلوق ضعيف، وينصرف قلبه عن رب العالمين سبحانه، يقول الله جل وعلا: ﴿آلله خير أمّا يشركون﴾. ويقول الله جل وعلا عن المخلوقين مبينًا حقيقتهم: ﴿إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئًا﴾.
ولذا فإن التفقه في باب الأسماء والصفات والقراءة فيه معين للعبد على معرفة الله سبحانه وزيادة العلم به، ولذا كان هذا الباب من أعظم الأبواب، ومن تأمل كيف تعرف الله إلينا في كتابه، وكيف ختم كثير من الآيات بشيء من أسمائه وصفاته؛ علم أهمية هذا الأمر.
يقول ابن القيم: ”من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبّه لا محالة“.
الرياء عمل قبيح ومنكر واضح وفاضح ولا يقوم به شخص إلا وتجد لديه الكثير من العقد النفسية والاجتماعية فيتظاهر بشكل غير الواقع الذي يعيشه؛ بمعنى أنه يحاول الهرب من الكثير من الضغوطات الحياتية التي تعتصره بتلك الممارسات غير الواقعية أو أنه ضعف في شخصية ذلك الشخص ويحاول أن يبرز أمام الجميع أنه ذلك الشخص المتدين الصالح في المجتمع المحب للخير فيقدم اجتماعياً، ويقدر من الجميع، وهذا كذب ورياء وتدليس وهذا مما نهى عنه ديننا الحنيف بل عده شركاً أصغر. والواقع أنه الآن نما وتطور بوجود هذه الأجهزة التي سهلت المهمة الآن فتصور أشياء أصلاً أنت لا تعملها وإن عملتها فهي نادرة في العبادات وخلافه، وترسل منها إلى الناس بمعنى أنا كذا، وأنت تكذب على نفسك أولاً وعلى المحيطين بك من أسرتك ثم مجتمعك، ويعرف الناس عنك ذلك وتصبح مشهوراً بالكذب والرياء نعوذ بالله من تلك الصفة الذميمة التي تساهل بها الناس في وقتنا الحاضر.
الرياء الإلكتروني الآن أنه الخطر القائم، وهو ما يهدد الأسر بالكذب المسرف فيه، وهو صورة كاذبة للكثير، حيث تفرغ الكثير له، فتجد من يرسل الأحاديث والخطب والمواعظ للناس وهو لا يسمعها أصلاً ولا يعمل بما فيها، ولا ننسى التصوير ببر الوالدين وغيرها مع أنها أعمال يجب إخفاؤها ليصلك الأجر والمثوبة، فهي ليست للشهرة وتمثيل الموقف اللحظي وكيل المديح لك ممن يشاهدك أنك تبر أمك فتقبل رجلها وتصورها، هذا رياء واضح وهو عن قصد وتعمد وهو مما يشكل خطراً على الجميع يجب الحذر منه، حتى الدعاء نلاحظ أن هنالك من يدعو على الإفطار أو في الحرم ويصور نفسه وهو يدعو ويرسل، كلها رياء ولا تجوز شرعاً ولا عقلاً ولا عرفاً بين الناس العقلاء.
يقول الشاعر:
لَيتَ الضَّمائرَ في الوجوهِ تَفَسَّرَتْ
لكنْ رياءُ الوَجهِ ليسَ يُؤوَّلُ
فكيف نتجنب داء الرياء؟
استشعار العبد مراقبة الله تعالى له، وهو من موجبات تعظيم الله تعالى ومهابته. الاستعانة، واللجوء إلى الله تعالى ودعاؤه للتخلص من هذه الصفة الذميمة، امتثالاً لقوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 4]
وإذا قرأت القرآن للرياء ما لك ثواب، بل عليك إثم، وإذا جاهدت نفسك في تركه والحذر منه أعانك الله ويسر أمرك ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2] ويقول سبحانه: ﴿مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 4] فأبشر بالخير واصبر وصابر والله يعينك، فاللهم أبعِدْ عنا الرياء والسّمعة، واجعلْ أعمالنا وأقوالنا ونياتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.