هل جاء ”أوميكرون“ مهزومًا أَمْ في الوقت الضائع؟
أعلنت شركة ”غلاسكو سميث كلاين“ «GlaxoSmithKline PLC» وشريكتها ”فير بيوتكنولوجي“ «Vir Biotechnology Inc»، أن الدراسات المخبرية أظهرت أن عقارهما ضد فيورس كورونا المستجد، أثبت فعاليته ضد المتحور ”أوميكرون“. وتذكر صحيفة ”وول ستريت جورنال“ «Wall Street Journal» الأمريكية «2021-12-07م» [1] أنه في حين أن البيانات المبكرة تشير إلى أن العلاجات المماثلة تعمل بشكل أقل فعالية ضد المتحور الجديد، هذه النتائج تعطي الأمل في أن علاجا واحدا على الأقل من أدوية ”الأجسام المضادة وحيدة النسيلة“ monoclonal antibody أثبت فعاليته في الحد من الإصابة بأعراض خطيرة عند الإصابة بالمتحور ”أوميكرون“. ويعمل العقار «العلاج» انتاج أجسام مضادة، بواسطة استنساخ واحد من الخلايا، أو خط خلية يتكون من جزيئات جسم مضاد متطابقة.
وتحاكي الأجسام المضادة وحيدة النسيلة جزءا من استجابة الجسم المناعية للفيروس، وتستخدم عادة في مرحلة مبكرة من العدوى لتقليل خطر الإصابة بأمراض خطيرة. وأفادت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ أن ”سوتروفيماب“، في تجربة سريرية كبيرة، قلل من خطر الاستشفاء أو الوفاة بنسبة 79% لدى الأشخاص المصابين بكوفيد-19 الخفيف أو المعتدل، المعرضين لخطر كبير بالتطور إلى مرض شديد، بحسب الصحيفة.
ولقد أشارت البيانات المختبرية السابقة إلى أن العقار يعمل ضد المتحور، وجاءت النتائج الأخير، التي نُشرت الأسبوع الماضي، أن عقار ”سوتروفيماب“ «sotrovimab» حافظ على فعاليته ونشاطه ضد الكثير من الطفرات الرئيسة في ”أوميكرون“. وقال جورج سكانجوس، الرئيس التنفيذي لشركة ”فير“، في بيان له: ”نحن على ثقة من أن «سوتروفيماب» سيواصل تقديم فائدة كبيرة للعلاج المبكر للمرضى على أمل تجنب العواقب الخطيرة عند الإصابة بالفيروس“، مؤكدًا أن: ”أوميكرون أضعف قليلًا من سوتروفيماب“.
وتم ترخيص العقار ”سوتروفيماب“، في 12 دولة حتى الآن، والجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة الأمريكية[2] ، التي اشترت مئات الآلاف من الجرعات، قد سبق أن وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية «FDA» «في 26 مايو 2021م» ب ”الاستخدام الطارئ“ للعقار المذكور من أجل علاج المصابين بمرض كوفيد-19[3] .
وبعد أسبوعين من بدء اكتشاف متحور ”أوميكرون“، قال الخبراء الصحييون إنه ينتشر بسرعة أكبر من السلالات الأخرى. ولكن تجري حاليا دراسات مخبرية لمعرفة ما إذا كان المتحور الجديد، الذي أقلق العلماء باحتوائه عددا كبيرا من الطفرات التي لم تُشاهد في أي إصدارات أخرى من SARS-CoV-2 [4] ، أكثر قابلية للانتشار، إضافة إلى مدى مقاومته للمناعة الناتجة من العدوى الأولى أو اللقاح، وما إذا كان تأثيره أكثر خطورة. ولكن هناك إشارات أولية إلى أنه ليس خطيرا كما صُوِّر ابتداءً. فقد صرح مدير الأزمة «الوباء» في أمريكا، الدكتور أنتوني فاوتشي، أمس الثلاثاء «7-12-2021م»، مع أن تحديد مدى شدة أوميكرون سيستغرق أسابيع، المؤشرات الأولية تدل على أنه ليس أسوأ من سابقيه بل ربما هو أخف. وقال الدكتور فاوتشي لفرانس برس: ”من شبه المؤكد بأنها ليس أكثر شدة من دلتا... هناك إشارات إلى أنه قد يكون أقل شدة“.
وتشير صحيفة ”وول ستريت جورنال“ «انظر هامش رقم 1» إلى أن العلاج التجريبي بالأجسام المضادة الذي طورته شركة ”أدايغو ثيرابيوتيك“ «Adagio Therapeutics Inc، تعرف ب ADGJ»، وهو في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية، ”يبدو أنه يعمل جيدًا ضد المتحور الجديد أيضًا، مثل سوتروفيماب“. وأكدت الدكتورة أماندا بيبيركورن، رئيسة فريق تطوير الأجسام المضادة أحادية النسيلة في شركة غلاكسو إن: ”الشركة تقوم بتقييم ما إذا كان بإمكانها زيادة إنتاج عقار سوتروفيماب في حال ما تبين أنه العلاج الوحيد المصرح به الذي يحتفظ بفعاليته ضد البديل الجديد“.
وفي الختام، للإجابة عن سؤال عنوان المقال: «هل جاء ”أوميكرون“ مهزومًا أَمْ في الوقت الضائع؟» أقول: الأخبار مبشرة ضد ”أوميكرون“ وباقي تحورات فيروس سارس - كوفي-2 «SARS-CoV-2». ولقد كشفت جائحة كورونا أن البشرية، باختراقاتها العلمية، بعيدة عن أن تكون عاجزة. لم تعد الأوبئة قوى طبيعية لا يمكن السيطرة عليها، لقد حولها العلم إلى تحدٍ يمكن التحكم فيه [5] . ويبقى الحذر والاحتياط والوقاية والالتزام بما يحدده أهل العلم هي كلها من أداوات التحكم أو المساهمة فيه.