كيف نحقق رضاعة طبيعية ناجحة للطفل الخديج؟
الطفل الخديج هو الطفل الذي يولد قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل.
ولأن الطفل ولد قبل الوقت المتوقع لولادته ولم يكمل فترة الحمل الكاملة في بطن أمه فإن جميع أعضائه لا تكون مكتملة النمو، وكلما قل العمر الرحمي للطفل الخديج عند الولادة، قل نمو أعضائه وزادت الأخطار والمضاعفات التي يتعرض لها بعد الولادة.
فهذا الطفل الخديج من الممكن أن يتعرض إلى نزف الدماغ واعتلال شبكية العين الابتساري «الخداجي» وخلل التنسج القصبي الرئوي والتهاب الأمعاء النخري ولين العظام وفقر الدم؛ والأمر الأخطر هو احتمال إصابة هؤلاء الأطفال بالجراثيم الخطيرة التي قد تسبب لهم الوفاة لأن مناعتهم ضعيفة بسبب عدم اكتمال نمو جهازهم المناعي، وعدم قدرتهم على مقاومة هذه الجراثيم.
لذا يرى الأطباء والباحثون، كما توصي أكاديمية طب الأطفال الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية أن حليب الأم هو الحليب الأفضل لهذا الطفل الخديج. وتعتبر هذه الفئة أن الأطفال هم الهدف الأول لبنوك الحليب الآدمي في الدول غير المسلمة، فقد أنشأت هذه البنوك أساسا لتقديم الحليب إلى الأطفال الخدج، فالطفل الخديج في هذه الدول لا يعطى حليبا صناعيا أبدا، وذلك لما أثبتته الدراسات من الخطر الذي يسببه الحليب الصناعي لهم.
وإن حليب الأم التي تلد طفلا خديجا يختلف عن حليب الأم الذي تلد طفلا كاملا، وذلك حسب احتياج هذا الطفل وقدرته على الهضم والامتصاص، فحليب أم الطفل الخديج يحتوي على أجسام مضادة وكريات دم بيضاء وعوامل مناعة أكثر تحمي الطفل من الالتهابات، كما يحتوي على إنزيمات أكثر، تساعد الطفل على الهضم وفي الوقت نفسه يكون الحليب مركبا من مواد أسهل في الهضم من حليب الطفل الكامل النمو، فالدهون مثلا تكون ثلاثية الجليسرايد أو تكون دهون قصيرة السلسلة وغير مشبعة، وذلك لأن جهاز الهضم عند هذا الطفل غير مكتمل النمو ولا يستطيع أن يفرز الإنزيمات التي يفرزها الطفل الكامل، ولذلك فإن حليب الأم يقلل من الإصابة بالتهاب الامعاء النخري، كما يحتوي حليب أم الطفل الخديج عوامل نمو بأنواع وكميات أكثر، تساعد الطفل على النمو الجسدي والعقلي فالأطفال الخدج الذين يرضعون حليبا آدميا يحصلون على درجات أعلى في اختبار الذكاء بمعدل 12 درجة مقارنة مع أقرانهم الذين يرضعون حليب صناعي، كما وجدت الدراسات أن نسبة الإصابة باعتلال الشبكية واعتلال الرئة عند الخدج يقل إذا رضع الطفل حليب الأم.
فعلى الأم التي تلد طفلا خديجًا إرضاعه مباشرةً بعد الولادة وخلال الساعة الأولى من العمر أثناء ملامسة الجلد للجلد، فإن لم يتسن لها ذلك فعليها البدء بالاعتصار اليدوي خلال هذه الساعة والاستمرار في ذلك كل ساعتين إلى ثلاث ساعات باستخدام الشفاط الكهربائي - ويفضل الثنائي - للمحافظة على الإدرار وتوفير الكمية الكافية للطفل، فإن لم تتمكن الأم من توفير الحليب الكافي لطفلها فيمكن أن يلجأ الوالدان إلى الاسترضاع قبل اللجوء إلى الحليب الصناعي، وعلى الرغم من أن حليب أم أخرى لا يفي تماما باحتياج الطفل الخديج إلا أنه أفضل من الحليب الصناعي.
وهناك ممارسات لابد لأم الطفل الخديج أن تقوم بها أثناء بقاء الطفل في المستشفى، نحو أن تقوم برعاية الكنغر وإعطاء طفلها حليبها بنفسها وإعطاء الطفل الثدي المفرغ من الحليب ليمصه، وكل هذه الإجراءات أثبتت فعاليتها في تقصير مدة بقاء الطفل الخديج في المستشفى، كما أنها أدت إلى زيادة إدرار حليب الأم.
ولابد أن يكون العاملون الصحيون - من أطباء وطاقم تمريض - على دراية بأهمية حليب الأم للأطفال الخدج، ويكون لهم الدور الأكبر في دعم الأم معنويا ونفسيا وتوفير البيئة التي تساعد الأم على الاستمرار في الارضاع بعد خروج الطفل من المستشفى وعدم إعطاء حليب الأم للطفل بالقارورة والحلمة وإنما بالكوب أو المحقنة لكي لا يصاب الطفل باختلاط الحلمات، مما يجعل رضاعته من أمه مباشرة صعبة، كما تحتاج الأم إلى دعم زوجها وعائلتها لتستمر في توفير حليبها لطفلها أثناء مدة بقائه في المستشفى، والتي قد تستمر خمسة أشهر.
ولطريقة إرضاع الطفل الخديج مباشرة صفة خاصة، إذ يفضل أن تمسك الأم طفلها بوضع المهد المعكوس ليتسنى لها دعم رقبته، فهو لكونه خديجا ما زالت عضلات رقبته ضعيفة تحتاج إلى الدعم، كما أن عضلات الفم والخدين لم تنموا بعد بصورة جيدة، فالطفل الخديج يرضع رضعات متتالية، ثم يتوقف لفترة ليستطيع أخذ النفس، ثم يعاود الرضاعة مرة أخرى، فعلى الأم الصبر والانتظار ليتسنى للطفل أخذ ما يستطيع من حليبها، وفي أغلب الأحيان لا يستطيع الطفل الخديج تفريغ ثدي الأم بشكل جيد وتكون كمية الحليب التي ارتضعها من الأم مباشرة غير كافية لنموه نموا صحيحا، لذلك على الأم اعتصار ما يتبقى في ثديها وإعطائه الطفل بالكوب، وقد تحتاج الأم إلى الاستمرار في ذلك حتى اليوم الذي كان يفترض بها أن تلد الطفل.
مع كل هذه الصعوبات التي تواجهها أم الطفل الخديج عندما تقرر إعطاء ابنها حليبها، إلا أن الدراسات أثبتت أن الأم التي تغذي ابنها الخديج من حليبها تكون أكثر رضى عن نفسها من الأم التي تتساهل في الأمر وترضى بإعطاء طفلها الحليب الصناعي.
رعاية الكنغر هي أن تقوم الأم بحمل طفلها وهو يرتدي الحفاظ فقط ليلامس جلده جلدها وهو بين الثديين في وضع قائم، ويكون صدره مواجه لصدرها وأذنه قريبة من قلبها فيحس بدفئ حضنها ويسمع دقات قلبها، التي ألفها وهو في بطنها، ويتعلم كيف يتنفس بتقليد نفسها، كما أنه يكتسب منها البكتيريا المفيدة التي تساعده على مقاومة البكتيريا الضارة.