الشيخُ عباسُ حسٌ إنساني عميق
قليلٌ مِنْ الناسِ إذا أجتمعتَ معهُ تلمسُ منهُ حرارة لقاءٍ ودفء عواطف متدفقة، فقد كان الشيخ عباس - رحمهُ اللهُ - يشعركَ بعمقِ ارتباطهِ معكَ ومعرفتهِ بكَ على الرغمِ من بعدِ الزمانِ والمكانِ الذي تلتقي بهِ من حينٍ لآخر.
هكذا كانَ شيخنا العالي القدرِ والرفيع المقام، فمِنْ سماحتهِ تتدفقُ الأريحيةُ التي لا يحدُها حدٌ، تراهُ في الأعراسِ والاتراحِ وكافةِ المناسباتِ يبادرُ بإلقاءِ التحيةِ والسلامِ على كلِ مَنْ قابلهُ والتقى بهِ بحرارةٍ متناهيةٍ وحسٍ إنساني منقطعُ النظيرِ.
يلتفُ الشبابُ حولهُ بزهوٍ وفخرٍ ويستقونَ منهُ ما يفيدهم في دنياهم وآخرتهم وهو حلقةُ الوصلِ بينهم ومرجع للإرشادِ والتوجيه لهم.
فهو أبنُ البلدِ بصدقٍ، وصاحبُ النخوةِ في كلِ مهمةٍ وملمةٍ لكلِ محتاجٍ ومضطرٍ على مستوى عامةِ الناسِ، وهو موضعُ مسؤوليةٌ طالما تحملها من قبلِ علماءِ القطيفِ - رحمَ اللهُ الماضينَ منهم وحفظ الباقينَ - ووسيلةُ اتصالٍ بينهم وبين شبابِ البلدِ.
حرصَ سماحتهُ رحمهُ اللهُ برحمتهِ على بثِ مسائلِ الاحكامِ والمسائلِ الشرعيةِ في كلِ مرةٍ يرتقي فيها المنبرَ ويُلقي محاضراتهُ بصورةٍ مبسطةٍ وسلسةٍ يستفيدُ منها عامةُ الناسِ، وتذكيره لهم بما يجب عليهم بهذا الخصوص، في ظلِ هذا الصخبُ المحيط، مما مكنَ مِنْ نشرِ وعيٍ بهذهِ المسائلِ عند فئةٍ كبيرةٍ لا يستهان فيها من أبناء القطيف.
شيخنا - رحمهُ اللهُ - يأنسُ بهِ كلُ من جالسهُ، فهو البارُ بأهلهِ والمربي لأولاده تربيةً يكتنفها عمقُ وصدقُ حبٍ ومودةٍ للنبي وآله سلام الله عليهم حتى تجذرَ وتأصلَ فيهم، حرسهم اللهُ وجعلهم خير خلفٍ لخيرِ سلفٍ.
رحابةُ صدرهِ وصِيتهِ أضحى في كلِ ارجاءِ واحة القطيف مشهودًا لهُ فيهِ - رحمه الله - لا يختلفُ على ذلكَ إثنانِ.
جذورهُ العلميةُ أصيلةُ ومكينةُ وموثقةُ، فمن درسَ على أيديهم من العلماء الاجلاء، كانَ عندهم محلٌ إشادةٍ وتبجيلٍ وثقةٍ.
وإن كان عندَ سماحتهُ رحمهُ اللهُ اسهاماتُ مخطوطةٌ أو مكتوبةٌ، فمن الضروري الوقوف عندها، وأنْ يتمَ النهل والاستفادة والاستزادة منها.
فسيرتهُ العطرةُ محلُ إجماعٍ وإشادةٍ من علماءِ القطيفِ وعامةِ الناسِ، نسألُ اللهَ لهُ الرحمةَ والمغفرةَ، وأن يحشرهُ مع النبي وآلهِ الكرامِ صلوات الله عليهم أجمعين وحُسن أولئكَ رفيقًا.