آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

الشيخ عباس المحروس عالماً وخطيبا..

محمد أبو زيد

بدأت معرفتي بالأخ العزيز فضيلة العلامة الشيخ عباس المحروس ”رحمه الله“ قبل أكثر من أربعة عقود من الزمن عندما كنا نختلف إلى مسجد الشيخ علي بن يعقوب بالقطيف للصلاة مع شيخ المتهجدين المقدس الحجة الشيخ منصور البيات ”طاب ثراه“ بعد عودته من النجف الأشرف إلى القطيف.

واستمرت اللقاءات معه بعد ذلك في مجلس الشيخ وبعد انتقاله للصلاة في مسجد الإمام علي ”“ وخصوصا في شهر رمضان المبارك حيث كان الفقيد السعيد شاباً يافعاً مداوماً على الصلاة عاشقاً للذكر والدعاء لا يكاد يغيب ولا يتأخر عنها.

لفت نظري في بداية تعرفي إليه حسن هيئته وابتسامته وحذبتني أحاديثه الشيقة وحواراته الجميلة الممتعة واقباله على الشباب واحتفائه بهم.

أستمرت العلاقة معه بعد انخراطه في طلب العلم الديني وبعد تعلقه بسلك خطباء المنبر الحسيني وبروزه المبكر كخطيب صيت مبدع وتعلقه بالخطباء الكبار واحترامه وتقديره لمقامهم وموقعهم وارتباطه الشديد بهم.

كان رحمه الله شديد الاحترام والتقدير والتبجيل لوالدي المبرور ”رحمه الله“ فكان كثير السؤال عنه عندما نلتقيه يحملنا السلام إليه ويلهج بالدعاء له، وحتى بعد وفاة الوالد كلما كنا نلتقيه يذكره ويترحم عليه ويدعو لنا بالتوفيق.

تميزت حياته ومسيرته العلمية بالجد والإجتهاد والمثابرة في طلب العلم ونشره وبذله وتمكن من جذب الشباب الى درسه الفقهي ومنبره الحسيني وحببهم للحضور إلى المسجد واحتوائهم وقد أفاد كثيراً وكان موفقاً في كل ذلك.

حقق نجاحاً كبيرا وحظي بموقفية وقبولٍ وبرز في مجال الخطابة الحسينية في وقت مبكر وسريع، ساعده في ذلك المستوى العلمي والاهتمام الكبير بمحتوى الخطابة إضافة إلى أدائه المميز في جانب الرثاء واستدرار الدمعة والتصوير المفجع للمصيبة وصوته العذب الذي يحلق بالمستمع وينقله إلى فضاءات المناسبة واجوائها المفعمة بالحزن والأسى.

ما يميز منبر الشيخ عباس ”رحمه الله“ الطابع الكلاسيكي حيث حافظ على الأداء التقليدي الغني بالمحتوى العلمي والمعرفي والفائدة الفقهية الممزوجة بالاستشهادات القرآنية والروائية والتاريخية الموثقة مع اهتمام واضح بالجانب التربوي الاخلاقي والوعظي بأسلوب سلس ومفردات عذبة بعيدة عن التكلف والتجهم.

وقد استطاع بموهبته الفذة وعبقريته وذكائه أن يفيد من الجانب العلمي الفقهي والأصولي الذي كان يمتلكه في إضفاء طابع علمي ومعرفي على منبره بعيداً عن المصطلحات والمفردات العلمية واللغة المتخصصة مفرقاً بين اسلوب الخطابة الجماهيرية ولغة الدرس والبحث العلمي.

كان منبره جامعاً لركائز الخطابة الحسينية الجماهيرية ثرياً في جانبه العلمي والمعرفي وخصباً في مجال التربية الاخلاقية والوعظ والتذكير وشجياً في بعد الرثاء والعزاء..

رحم الله الفقيد السعيد بواسع الرحمة والرضوان وأجزل له العطاء وجمع بينه وبين ساداته محمد وآله الطاهرين ”“ في مقعد صدق عند مليك مقتدر..

إنا لله وإنا إليه راجعون..