آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

الإنترنت بعد التلفاز

برير السادة

من يراجع التقارير الصحفية والتحذيرات الصحية وكلمات التربويين قبل عقد من الزمان عن خطر التسمر أمام شاشات التلفاز لساعات طويلة وما يحمله ذلك من مخاطر صحية وما تحدثه أفكاره وثقافته الدخيلة على المجتمعات قد يصاب بالحيرة إذا ما قارنها بالساعات التي تمضي في استخدام أدوات التواصل الاجتماعي اليوم، عشرات البرامج التي يسهل التنقل بها من مكان إلى آخر وتصفحها في أي وقت، فقد باتت قيود الزمان والمكان، والحجم والوزن.. وغيرها معدومة بعد ”الوايرلس“.

واحدة من تلك الدراسات نقلتها العين الإخبارية في 2019 تتحدث عن خطر الوفاة المبكرة بسبب مشاهدة التلفاز لأكثر من 4 ساعات يوميا حيث أن المعدل العالمي يجب أن لا يزيد عن ساعتين ”حذرت دراسة أمريكية حديثة من الجلوس أمام شاشات التلفزيون أكثر من 4 ساعات يوميا، مؤكدة أن ذلك يزيد من فرص الإصابة والوفاة المبكرة بأمراض القلب والأوعية الدموي“. أما في ما يخص الحياة العامة فترى صحيفة الدستور الاردنية في عددها المنشور 5 نوفمبر 2011 ”إن دخول التلفاز والإدمان الكبير الذي أصبح عليه، أحدث اهتزازات وشروخات عميقة في الروابط الأسرية والعائلية التي تلعب دورا فعالا وحيويا على مستوى العلاقات القائمة داخل المجتمع الأردني معتبرة أنه أصبح يفضل الجلوس أمامه على الجلسات العائلية.“

أما فيما يتعلق بأدوات التواصل وحسب التقرير الصادر عن مؤسسة هوتسويت الكندية عن العالم الرقمي للعام 2019، فقد وصل عدد مستخدمي مواقع التواصل 136,1 مليون شخص أي نحو 53% من عدد سكان الدول العربية؛ الأمر الآخر الذي لفت إليه التقرير أن الدول العربية تتفوق على الدول المتقدمة في مدة استخدام الإنترنت بأكثر من ساعة ونصف يومياً على الأقل، وذلك بالنسبة للفئة العمرية من «16-64»

ما يهم في هذا الصدد طريقة تعاملنا مع التقنيات الحديثة وكيفية الاستفادة منها، فيبدو أننا نعيد إنتاج نفس الأنماط الثقافية والتربوية في التعامل معها. مساحة زمنية وفضاء كوني مفتوح أمام الأطفال والمراهقين والصغار والكبار قادر على التأثير على سلوكهم وثقافتهم. من هنا تبرز أهمية توعية الأطفال والمراهقين بالطرق والأساليب المثلى في التعامل مع مثل هذه البرامج وكيفية التمييز بين النافع والضار منها، وما يحمله هذا العالم من ثقافات وأفكار. فلا تزال هناك بدائل يمكن للوالدين اقتراحها وإدراجها مع أدوات التواصل الاجتماعي، كممارسة الرياضة وقراءة كتاب، والانخراط في الأنشطة التطوعية المختلفة، والذهاب للمساجد ودور العبادة والمكتبات العامة برفقة الأبناء. على الجانب الآخر يعكس تفاعل الوالدين مع مثل هذه البرامج النموذج التربوي الذي يمكن أن ينتهجه الأبناء في تعاملهم مع هذه البرامج، فإدمان الوالدين للإنترنت سيقود ويعزز لسلوك مماثل عند الأبناء. العالم الافتراضي سهل مرافقة الأبناء أينما كانوا مما أتاح فرصة للوالدين لمشاركة أبنائهم ومصاحبتهم افتراضيا عند غياب فرص الحضور البدني، وبالتالي بات بالإمكان تقديم النصائح والارشادات بمختلف الطرق وفي الدردشات والمجموعات العائلية.