آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

الجميع حكاية مزخرفة

سوزان آل حمود *

الناس أجناس
وفي نار الأزمات..
يتبيّن الذهب من النحاس!

الناسُ، كالمعادن، يلمع منهم كلُّ شريفِ الأصل كريمِ المحتد نقيِّ المعدن، يتباينون كما تتباين المعادن، منهم النفيس ومنهم الخسيس، ثم كل معدن من نفس النوع يتفاوت، فمنه الخالص والمشوب. وحيثما كان ذو المعدن النفيس الخالص فإنك ترى لمعانه، ولا يخفى عليك بريقُه.

والمعدن الخسيس الرخيص، لن يخفى عليك كذلك، ولن تخطئَ عينُك شوائبَه، فإن خفيَت على عينيك لمحتَها بوضوحٍ بعين بصيرتك وقلبك. ومن هنا تتشاكل الأرواح، تتعارف أو تتناكر، فمؤتلفة أو مختلفة. وتبارك الله! خلق فسوَّى وقدَّرَ فهدى.

الله يبتلي عباده بالخير والشر، ويمتحنهم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى، بالشدة بعد الرخاء، وبالرخاء بعد الشدة؛ ليظهر مبلغ شكر الشاكرين، ومدى صبر الصابرين: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ الأنبياء 35.

مهما تداعينا قوة الشخصية إلا أننا نحتاج في أوقات كثيرة

نحتاج إلى يد حنونة تربت علينا، نحتاج لحضن دافئ يحتوينا حيث لا يوجد سواه،

مَن مِنا لم يشعر يوما بدموع حارة تقف على أعتاب عينيه، تريد أن تنهمر على كتف حبيب أو صديق....؟!

مَن مِنا لم يشعر يوما بغصة عالقة في صدره من شدة الألم، يريد حينها أن يصرخ بأعلى صوت حتى يفجر...؟!! هذا الكم من الآه والوجع العالق به؟!.. أحيانا تنزف دواخلنا، عقولنا تنهار وقلوبنا تشهق ولا أحد يدري بنا سوى خالقنا..!!

ليس معنى ذلك أننا نتسم بالضعف..!؟ كلا..!!

ولكن قوتنا أحيانا تحتاج لهذا الضعف الضعف الذي يبكينا ليجعلنا نكف يوما عن السقوط..

الحياة الدنيا ما هي إلا مجرد مسرح كبير يصعب على الإنسان أن يدرك فيها حقيقة الآخرين وما تخفيه نفوسهم نحوه، وإن كانوا ممن يتعامل معهم بشكل يومي، لأنهم يرتدون أقنعة جميلة وجذابة هم أبعد ما يكونوا عنها لكونها غير معبرة عن حقيقتهم؛ كقناع المحبة على سبيل المثال، فلربما يحمله من له في قلبه الكره والحقد والحسد تجاهك دون أن تدري، لأنها من المشاعر المضمرة التي لا تظهر من دون مواجهة المواقف الحياتية التي لا تحتمل الزيف والخداع، فكثيرون من نجدهم معنا في مقدمة الصفوف في السراء، لكنهم في الضراء يتراجعون للخلف، بل وقد يغيبون عن الأنظار فيهربون عنا ويتخلون عن كل ما كانوا يبرزونه في لحظات السعة والرغد، فالظروف القاهرة والمأساوية هي الوسيلة الوحيدة لكشف حقيقة من إدعى نبل الأخلاق وصدق المحبة.

فالجميع حكاية مزخرفة ظاهرياً لذا كن لنفسك كل شيء حين تبذل من مشاعرك ونفسك لأجلهم، ثم تُقابَل بالجُحود والنُّكران، وحين تعمل كل ما عليك لإرضائهم، ثم تُقابَل بالصدِّ والهِجران، فلا تُحبطك هذه الخيبات من ردود أفعالهم تجاهك، واسِ نفسَكَ وكن لها كل شيء.