آخر تحديث: 10 / 5 / 2024م - 10:19 م

في ظلال اليوم العالمي للتسامح

﴿وَما خَلَقنَا السَّماواتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَإِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصفَحِ الصَّفحَ الجَميلَ [1] 

في عام 1996 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة التابعة لليونسكو الدول الأعضاء إلى الاحتفال بيوم 16 تشرين الثاني/نوفمبر، وجعله يوم التسامح العالمي.

التسامح منهج إسلامي وإنساني ومنسجم مع الفطرة، ويحقق مكاسب فردية واجتماعية عظيمة.

﴿خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ [2] 

من معاني هذا التسامح هو احترام وتقدير التنوع الثقافى والإنساني، واحترام المعتقدات الدينية لدى الآخرين، والابتعاد عن كل مظاهر

التعصب والكراهية والتمييز.

في تاريخنا صور مشرقة للتسامح الديني والإنساني، ومن أجلى معاني هذا هو ما قام به العلمان العظيمان محمد مهدي بحر العلوم والشهيد الثاني، حيث كانت مدرستهما تضم طلابا من كل المذاهب الإسلامية.

وكذلك ما اتبعه الإمام موسى الصدر في إشاعة روح التسامح ليس بين أبناء الأمة الإسلامية فقط، بل بين المسلمين وغيرهم من الديانات الأخرى، وتعامله المميز مع المسيحين شاهد جلي على ذلك.

وفي عصرنا الحاضر، تتجلى الحكمة العالية للإمام السيد السيستاني في إشاعته روح التسامح بين كافة أبناء المجتمع دون تفريق بين طائفة إسلامية وأخرى، ومواقفه تدعم كلماته.

وينبغي أن يشمل التسامح كل جوانب الحياة، بين أبناء المجتمع في القرية والمدينة والعمل، وكذلك داخل الأسرة بين الزوجة وزوجها وبين الآباء والأبناء.

ينبغي ان تسود روح الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع، وتقبل أعذار الآخرين عند اعتذارهم لخطأ صدر بحق أناس آخرين.

التسامح لغة العظماء، ونجد في سيرة أهل البيت صورا مشرقة تجلت فيها أعظم معاني التسامح.

عن الإمام الصادق : ”إذا بلغك عن أخيك ما تكره فاطلب له العذر إلى سبعين عذرا، فإن لم تجد له عذرا فقل لنفسك: لعل له عذرا لا تعرفه.“ [3] 

ومن كلامه : ”إذا بلغك عن أخيك شئ يسوؤك فلا تغتم فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها.“ [4] 

هذه القاعدة الذهبية في التعامل مع الآخرين هي من ركائز مبدأ التسامح عندما يبدو من تصرفات الآخرين ما يبعث على الانزعاج، وهي قاعدة ينبغي أن يستحضرها الإنسان في تعامله مع من حوله.

ينبغي أن تشيع روح التسامح بين الزوجين، وأن لا يعطي أحدهما الآخر الأمور الخلافية بينهما أكثر من حجمها، والسعي لإنهائها سريعا خلال نشر أريج روح التسامح في أجواء حياتهما الزوجية.

وكذلك ينبغي إشاعة روح التسامح بين الآباء وأبنائهم.

وهذا الأريج التسامحي ينبغي أن يشيع في كل وجود للإنسان معه أناس آخرون في عمله وفي مكان دراسته، وفي كل حضور له، فالتسامح يجعل الإنسان يعيش معاني السعادة القلبية والروحية والعقلية، ويحقق له حياة مستقرة.

[1]  سورة الحجر: 85
[2]  سورة الأعراف: 199
[3]  إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج 12 - الصفحة 277
[4]  إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج 12 - الصفحة 279
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عاتكه الشبيب
[ صفوى ]: 17 / 11 / 2021م - 10:13 ص
روعة المقال
استشاري طب أطفال وحساسية