هل ترى نفسك احسنت الكلام؟!
الكلام هو: اللفظ المفيد فائدة يحسُن السكوت عليه، نحو: جاء زيدٌ…
الكلمة سهلة المخرج على اللسان، غير مأمونة العواقب على الإنسان، ولكنها سلاح ذو حدين، وعلامة مفترق على طريقين. فإن كانت طيبة كانت عظيمة النفع، وإن كانت خبيثة كانت شديدة الضرر.
أثر الكلمة التي ينتشلك بها وجه بشوش وأنت في سراديب الأحزان تتلقاها كنفحة من عطر فياح، يقول جل جلاله ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ «25» سورة إبراهيم،
فأثر الكلمة عظيم في نفوسنا، وكم من كلمة هوت بنا إلى أعماق أعماق البؤس، هوت بنا على جرائها لم نستطع الوقوف، وكم من كلمة حلقت بنا في سحب الأماني وعززت ثقتنا بأنفسنا استطعنا بلوغ أشياء لم نكن نعتقد ليوم ما اننا سنبلغها فقط بكلمة، نعم كلمة ممكن أن تحيي نفسا شارفت على الانتهاء، نحن لا نعلم أي شيء عن الآخر الذي أمامنا وإن نقبنا في معالم حياته وضننا أننا نعرف الشيء الكثير عنه، نحن في الحقيقة لا نعلم شيئا سوى القشور والسطحيات لا نعلم عن معاركه ولا مصارعه في الحياة وكم هذا الاخر تحمل لتراه واقفا أمامنا وهو يحدثنا ربما كلمة لا تقصدها ستحيي جراحا مستكينة فيه أزمانا غابرة، استطاع بشق الأنفس أن يسكن الوجع المترتب عنها وليس هنا وجع أشد من وجع النفس.
الكلمة الطيبة صدقة لمن يريد أن يتصدق، فهي تدخل النفس وتجعله مسرورًا وهناك عبارات عن اجمل ما قيل عن الكلمة الطيبة يبحث عنها كل من أراد أن يحبه الناس وتقدره.
الكلمة الخبيثة كلمة خطيرة، كلمة مدمرة، كلمة مهلكة للفرد، وقد تكون مدمرة للمجتمع أو للدولة، يقول الحق سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ﴾ «إبراهيم: 26»،
وعلينا أن ندرك أننا محاسبون بكل ما يصدر عنا من قول أو فعل، ومن أخطر الكلام الخبيث الكذب والافتراء والشائعات، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى مفتتح سورة الكهف: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنزَلَ على عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا. قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا. مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا. وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا. مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ. كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ. إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ «الكهف: 1-7»،
كما أن صاحب الوجهين هو أشد من يفسد المجتمعات ويفرّق الكلمات ويشق الصفوف، لأنة يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه آخر.
خطورة الكلمة على العبد في الدنيا والآخرة كبيرة، ففي الدنيا بكلامه القبيح ونقله للكلام يحدث فتناً ويشق الصفوف ويقطع أرحاماً ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، ويصبح ذميماً مبغوضاً مكروهاً بين الناس إذا عُرف بإفساده، ويكفي هذا إثماً وحقارة له. أما في الآخرة فإن النبي ﷺ وصحبه وسلم أخبر أن العبد تنزل به الكلمة الخبيثة في النار فقال: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم» رواه البخاري ومسلم.
ختاما
الكلمة هي البريد إلى القلب والعقل، وسبيل الوصول إلى الإقناع والتفاهم.
أعزّ مواطنِ المسرَّات كانت من كلمة، وأوجع مرارات الخذلان كانت من كلمة، وبوابة الإيمان من كلمة، ومعراج الروح في كلمة، ثمّ بعد ذلك هل تستطيع ان تسأل ماقيمة الكلام؟!