الأستاذ الصفار
قرأت لطه حسين أيامه، ولأحمد أمين حياته، وللعقاد أناه، وللجواهري ذكرياته، ولمغنية تجرباته، ولنائب هتلر مذكراته، ولهتلر كفاحه، و... وللشيخ مبارك الغراش، وذكرى الزعيم الخنيزي، وذكرى الإمام الخنيزي، و... و«ألاحق» برنامج الأستاذ محمد الخنيزي: قل كيف عاش؟! وقبله لقاءات الأستاذ محمد رضا نصر الله، ولقاءات عادل إمام، ويسرا، ومحمد عبد الوهاب، ولم أبق، ولم أذر!!
يقول تعالى: ﴿الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه!!﴾، و﴿ادع إلىٰ سبيل ربك، بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن؛ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم!!﴾، و﴿هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة...﴾.
ها قد استشهدت، واستأنست، واستدللت، بآيات من الذكر الحكيم؛ لئلا «أجيب تقدير ضعيف في التعبير وأطيح من عيون امي الله يعافيها»، وأستطيع أن أكتب لكم عن أسبوع الشجرة، وعمتنا النخلة، وأسبوع المرور، وماذا فعلت في الإجازة الصيفية الكبيرة؟! وبم عاقب الحاج عباس الحمالي - رحمه الله! - ابنه آية الله: الشيخ عبد الله الحمالي - حفظه الله تعالىٰ! - عندما أحرز تقديرًا لم يرق أباه، فلم يشتر له «سيكل جديد»، ولم يأخذه في رحلة إلىٰ عين الجوهرية، ولا «أم سبعه»، في الأحساء الحبيبة؛ بل عاقبه بأن أخذه إلىٰ عين اللبانية، في القديح!!
وقد أبدع يومها سماحة الشيخ - حفظه الله! - وأضحكنا، وأضحك أستاذنا العملاق: الأستاذ محمود جدوع، حتىٰ إنه اختاره - من بيننا - ليلقي علىٰ مسامعنا موضوعه «الإنشائي»، ونضج ضحكًا وتصفيقًا لسماحة الشيخ،... وكانت أيام حليوه!!
قلت في «سبتية الصفار»: نجح الشيخ - أيده الله تعالىٰ! - لأنه يعرف كيف يقرأ؟ ويحسن فن الاستماع، ويربي رجالًا من حوله، ويبني أجيالًا يتمنىٰ أن يغدوا خيرًا منه!! وهٰكذا يكون المعلم الفذ، و«الأستاذ» الحقيقي، ومن هنا، ولغير ذٰلك: من عوامل التقدم والرقي، والأخذ بما هو عصري، نجح الشيخ، ولن يدرك غيره غبارًا أثاره جواده قبل سنين، وسنين، وسنيييييييين!!
إن الشيخ الصفار مفكر كبير، ورجل عظيم، وعالم جليل، وخطيب مصقع، وأستاذ!!
نعم؛ هو أستاذ؛ ذٰلك أن الأستاذ أب قبل الأب، والأستاذ من يسر بتفوقك عليه، كما يسر الأب بتقدم أبنائه وبناته عليه، ويشكر الله - عز وجل! - ويعدها من كبريات نعمه عليه، أن بنىٰ من أبنائه صروحًا شامخة، وقامات كبيرة!!
أما تدريس الآجرومية، والقطر، والألفية، والمغني، ومختصر المعاني، والمطول، ومنطق المظفر، والحاشية، والشمسية، والمعالم، والقوانين والفصول، والكفاية والرسائل، والشرائع واللمعة والمكاسب، والبحوث العالية، فهي تخرج فقهاء، وتخرج علماء كبارًا؛ ولٰكنها لا تخرج أجيالًا تعرف كيف تعيش؟ ولا أين هي؟ ولا إلىٰ أين تمضي؟ ولا كيف تنهض بأوطانها؟ ولا كيف يكون لها مكانة بين الأمم؟ ولا كيف تدفع بمجتمعاتها وعجلة التقدم إلى الأمام!!
لقد كان هم الشيخ الصفار وشغله الشاغل النهوض بأمته، وهو عالي الهمة، لا ينظر إلىٰ صغريات الأمور وجزئياتها، ولا إلىٰ تفاصيل القضايا، ما لم يكن النظر فيها مما ينطلق بنا إلى النجوم، وأعلىٰ وأعلىٰ، فأعلىٰ!!
هٰذا هو: الأستاذ الصفار؛ وإنما تركت عنوان «الشيخ الصفار»؛ لأن «الأستاذ» هو: الماهر، والمفن، وإلا فسماحة الشيخ شيخ المشايخ!!
يحفظ الله الشيخ، ويحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.