آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 1:35 ص

الإنسان بما ينضاف إليه

إبراهيم البليهي *

وُجِد الإنسان على هذه الأرض منذ أكثر من مليون سنة لكنه ظل أزمانًا سرمدية جوالا تتهدده الوحوش ولا يكاد يجد ما يسد جوعه فظل كائنا هامشيًّا.

إن الإنسان كائن ثقافي فمزاياه تأتيه من خارجه إنها بما ينضاف إليه من معارف وتجارب ومهارات وكفايات.

ومما أخر ظهور الحضارة أن الأصل في الإنسان أنه كائن اجتماعي إنه كائن مقلد وليس كائنا مبدعا ليس هذا فقط بل إنه يرتبط بالأسبق ولا يتخلى عنه أبدا ويقاوم التغيير ويستنكر الإبداع.

إن الإبداع مضاد لطبيعة الإنسان ككائن اجتماعي مقلد لذلك قوبل الإبداع في مختلف الأزمان وعند كل الأمم بالرفض والانكار والمقاومة.

لذلك كان على البشرية أن تنتظر أزمانًا سرمدية حتى نمت الثقافات وتنوعت الممارسات وتراكمت التجارب.

ورغم مقاومة الإبداع إلا أنه بمرور الزمن تجد الإبداعات سبيلها إلى واقع الحياة فينضاف إبداعٌ إلى إبداع وبالتراكم يصبح الناتج عظيمًا.

باللغة والكتابة وبتوارث أنماط الفعل وبالإبداعات الفردية الخارفة للسائد تراكمت المعرفة.

لقد بقي الإنسان ضعيفا وهامشيا ومحدود القدرات حتى تراكمت معارفه بمرور الزمن.

ولأن قدرات البشرية هي نتاج التراكم المعرفي ولأنه تحقق اختراقٌ نوعي باختراع الآلة البخارية وبتدشين العلوم الموضوعية فقد تفَجَّرت القدرات الإنسانية وتنوعت بشكل مذهل فقد كان اختراع طاقة البخار وما تلاها من تطورات وكذلك حين توصل الأفراد الخارقون إلى المعارف العلمية الموضوعية؛ كل هذا قد جعل الحضارة المعاصرة تمثل طفرة نوعية هائلة ومع ذلك فإن الإنسانية ما تزال مرتهنة بالصراع وبمتطلبات البقاء إنها بأمس الحاجة إلى طفرة نوعية في مجال الأخلاق والفكر.

علينا أن نتذكر دائما أنه قبل أن تتراكم الثقافة كان الإنسان ضئيل الشأن ففي المراحل الأولى كانت حاله أسوأ من بقية الكائنات التي تملك مزايا جسدية لا يملكها الإنسان فالقرد والقط مثلا يقفز برشاقة بينما الإنسان يتعلم القفز تعلُّمًا.

بنمو دماغ الإنسان تضاءلت قدراته الجسدية فالدماغ يستهلك تقريبا ربع الطاقة التي يتلقاها الإنسان لكن محتوى الدماغ مرهون بنوع التغذية المعرفية التي يتلقاها فالإنسان بما ينضاف إليه وليس بما يولد به.