وُلِدَ الحبيبُ
ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم وثناء
شع النور للعالم في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل حيث المولد النبوي الشريف وفي كل عام يزيد ذلك البهاء المحمدي حين يحتفل المسلمون بمولد نبيهم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وإنما يحتفل المسلمون بذلك تخليداً لهذه الذكرى العطرة ليبقى هذا النور ممتداّ منذ ذلك التأريخ ومن ذلك اليوم وإلى يومنا هذا وإلى أن يأذن الله تعالى بأفول هذه الدنيا.
ولا يختلف أحد من المسلمين في الاحتفال بهذه المناسبة الشريفة إلا من شذ فمن الطبيعي أن يحتفل الانسان بكل عزيز عليه في مولده وفي وظيفته وفي اكتساب مهاراته وفي نجاحه في كل ذلك. بل إن الناس في مناسبات عامة محلية كانت أو عالمية في مسميات شتى يقومون بذلك فيتم الاحتفال بأسبوع الشجرة وأسبوع النظافة ويوم الأم ويوم المعلم..الخ.
إلى غيرها من المسميات وكما قلنا آنفاّ نحتفل بمناسبات الأعزاء علينا من أرحام وأقارب وأصدقاء فإذا جاءت المناسبة عند النبي عليه صلوات من ربه وبركات قال البعض هذه بدعة؟!
فالمناسبات التي سنّها وعمل بها غير المسلمين صارت سنة وأما ما يتصل بالنبي ويختصّ به يكون بدعة؟!، وعلى كلٍ قلنا لم يقل بذلك أحد إلا النزر اليسير، وإن السواد الأعظم من المسلمين يحتفلون بهذه المناسبة على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ولذلك سمي أسبوع الاختلاف بمولده بأسبوع الوحدة الاسلامية والذي يتم الاحتفال فيه بالمولد الشريف.
وللمرة الثالثة نقول أن الأمة مجتمعة ومجمعة على جواز الاحتفال بالمولد الشريف عدا من شذ، فهذا «الشيخ محمد بن أبي بكر عبدالله القيسي الدمشقي يؤلف كتاباً في المولد الشريف يسميه «جامع الآثار في مولد النبي المختار» وكذلك «اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق»، ويؤلف الإمام الحافظ العراقي كتاباً وقد سماه «المورد الهني في المولد السني» والإمام العالم ابن دحية وسمى كتابه «التنوير في مولد البشير النذير»، والإمام الحافظ شمس الدين بن الجزري وأطلق على كتابه «عرف التعريف بالمولد الشريف»، قال الإمام الشهاب أحمد القسطلاني شارح البخاري في كتابه «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية في مجلده الأول ص 148»، ما نصه: -
«فرحم الله امرءاً اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء» [1] .
وقال حسنين محمد مخلوف [2] وهو من علماء الأزهر المتأخرين «إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالي هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدي إنما يكون بذكر الله وشكره على ما أنعم به على هذه الأمة، والإحياء بهذه الطريقة وإن لم يكن مأثوراً في عصره ﷺ ولا في عهد السلف الصالح إلا أنه لا بأس به وسنة حسنة» [3] .
وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي «وإكراماً لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها».
وقد أكّد مؤخراً الأزهر الشريف مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وذلك في عام 2019م، وأنه علامة على محبة النبي ﷺ.
وكل ماذكرنا من جهة الأخوة أهل السنة والجماعة، وأما من جهة مذهب أهل البيت فإن العلماء يجوزون بالإجماع الاحتفال بالمولد بل يعدونه من الأعمال المستحبة وهو من أفضل الأعمال والقُربات إلى الله تعالى.
والخلاصة أن النبي ﷺ أولى بالفرحة بمولده من أي أحد فالبعض يحتفل ويفرح بمولد اللاعب الفلاني والفنان العلاني.. الخ.
فحري بنا أن نقدم ونفرح بمولد نبينا على هؤلاء الذي ربما يكون البعض منهم غير مسلم أصلاً، ولندع أنه «بدعة» وأنه لم يعمل به في زمن النبي ﷺ أفهل عمل بالاحتفال باليوم العالمي للغة الفلانية أو اليوم العالمي للايدز أو غيرها من المناسبات المعمول بها في العصر الحديث في ذلك الزمن أي زمن النبي صلوات الله عليه.
نسأل المولى الكريم أن يوحّد كلمة المسلمين وأن يتقبل من المؤمنين خدمتهم لدينه ولرسوله ولأهل بيته الطاهرين أنه لما يشاء قدير.