عودة الحياةِ كما كانت.. ضوءٌ من آخرِ النفق؟!
بدأنا نستريح إلى سماعِ الأخبارِ الجيِّدة عن تغييرِ بعضِ القيودِ أو - تخفيفها - ولعلَّ في هذا يكون بشرى سعيدة لما هو قادم! عطشنَا إلى حياةِ ما قبلَ هذه الجائحة عطشًا يضارعُ عطشَ الظمآنِ في الصَّحراء، والجائع للمَائدةِ الشهيَّة! عاصفة كرهناها ثم أحببناها ثم كرهناها، هي الآن تهدأ - قليلًا قليلًا - وتختفي تمامًا كما اشتدَّت ونشِطت!
هل يا ترى نفاجأ عندما نرى الأصدقاءَ دون اللثام والكِمامة التي غطَّت ابتساماتهم، فلم نرها منذ سنتين أو حولها؟ يا ترى هل كبروا وتغيرت ملامحهم؟ نصلي للهِ أن تنتهي هذه الفترة، وأن تختفي ولا تعود أبدا. مع أن بعض البعد وقلَّة التزاحم في المناسباتِ الاجتماعيَّة والأماكنِ العامَّة بدأت تبدو عاداتٍ طيِّبة، ومستسَاغة.
عما قريب - بإذنِ الله تعالى - سوف تكون هذه الفترة حدثًا في الذَّاكرة، نخبر عنها الأبناءَ والأحفاد الذين يأتون بعدها، ونقول لهم: هل تصدقون أنها مرَّت أشهرٌ طويلة ونحن مقنعين، لا يستطيع واحدنا الجلوس قربَ الآخر، ولا يصافحه؟ لا نخرج من المنازل ولا نسافر!
أجمل ما تعلمناه في هذه الفترة أننا نربح جميعًا عندما نكون يدًا واحدة، نصبر ونتعاون، وبعدها يكون كلُّ شيء طيِّب بإذنِ الله. وأن الإيمان يقتضي التعاون، مثلنا مثل الراكبين في سفينة، إن خرقها واحدٌ غرقت، وإن حافظنا عليها وصلنا جميعًا إلى الشاطئ بأمان.
حقًّا، في هذه الرحلةِ الأفعوانية - التي نرجو أن تكون نهايتها اقتربت - خسرنا كثيرا، خسارة ما كان أحد يتوقعها أو يستطيع التخرص بحجمها، لكن على ما يبدو أن المخرجَ باتَ يلوحُ في الأفق، أمتار قليلة قبل أن نصلَ إلى خطِّ النهاية، ثم تكون هذه الرحلة فصلًا من كتابِ الماضي والذكريات.
قال ﷺ: ”في الصبرِ على ما نَكره خير كثير“. فكم من شيءٍ كرهناه وهو خير لنا، وكم من شيءٍ أحببناه وهو شر لنا؟ ذلك لأننا جاهلون بكليات الأمورِ وحقائقها ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.