كتاب «تاريخ الشريف العابد أخي محسن» ظهورٌ وجمعٌ بعد شتات
الكتاب: المحفوظ من ”تاريخ الشريف العابد أخي محسن“.. في نسب مؤسسي الدولة الفاطمية، وبدء الدعوة الإسماعيلية، وأخبار الدعاة والقرامطة.
جمعه وأعده وحققه: عبدالخالق بن عبدالجليل الجنبي
الناشر: دار المحجة البيضاء - بيروت وَ منشورات ملتقى الواحتين - بيروت
سنة الطبع: الطبعة الأولى - 1440 هـ «2019م»
عدد الأجزاء: جزءان
كثيرة هي الكتب التي تعرّضت للضياع والتلف لأسبابٍ يصعب حصرها، وبفعل النسخ «نسخ الكتب» وتوثيق المصنّفين للأخبار المنقولة شفاهاً ممن كان قبلهم، تم اكتشاف الكثير من أسماء المصنّفات التي وُثّقت في تلك الكتب، فمنها لا زال في طيّ النسيان والفقدان، وآخر لا زالت بعض نصوصه متناثرة في بطون الكتب.
وفي أواخر القرن الرابع عشر والقرن الحالي ظهرت بعض الكتب المفقودة، وذلك بأسلوب الجمع من مصادر متعددة، مثل: «مرويات كتاب المدينة ليحيى بن الحسن العلوي العقيقي ”ت 277 ه“، وَ مقتل الإمام الحسين لأبي مخنف الكوفي ”ت 157 هـ“»، وغيرهما كثير، واستخراج الكتب المفقودة من المصادر المطبوعة له دورٌ في منح القارئ شيئاً من التعرّف على كتابٍ توزّعت معلوماته في كتب أخرى، وتساعد كذلك على معرفة المصنِّف والمصنَّف، خصوصاً إذا لم يكن لهذا المؤلف سوى كتابٍ واحد، وما كتاب تاريخ الشريف العابد أبي الحسين محمد بن علي الحسيني «ت 398 هـ» المعروف ب «أخي محسن» إلا نموذج من تلك النماذج التي حفظها التاريخ في بطون كتب متعددة.
حول هذا الأمر لا زالت يراعة الأستاذ/ عبدالخالق الجنبي سيّالة لا تجف، ومعطاءة لا تقف، وذلك بفضل مواصلته البحث والقراءة في مجالٍ عَشِقَهُ وأخذ منه جُلَّ وقته، فقد صدر له كتابٌ تحت عنوان: «المحفوظ من تاريخ الشريف العابد أخي محسن.. في نسب مؤسسي الدولة الفاطمية وبدء الدعوة الإسماعيلية وأخبار الدعاة القرامطة» في جزئين عن دار المحجة البيضاء وملتقى الواحتين، وذلك عام 1440 هـ، حيث قام بجمع المادة من مصادر متعددة، منها: «النويري، المقريزي، الدواداري... وآخرين» وأعد شروحاً للنصوص المقتبسة من تلك المصادر، وأثرى وحقق بعض ما ورد فيها وفق آليّةٍ تذهب بالقارئ إلى التعرف على كتابٍ كان مفقوداً ليرى النور بعد جهدٍ يعطي صورة عامة عن المؤلِّف والمؤَلَّف.
ما يميّز هذا الكتاب أنه يعد في طليعة المصادر التي تتحدث عن موضوع طالما كثر النقاشُ فيه، وهو «نسب مؤسسي الدولة الفاطمية، وبدء الدعوة الإسماعيلية وأخبار القرامطة»؛ لتكون النتيجة وفق هذا المصدر القريب عهداً من تلك الأحداث أن مؤسسي الدولة الفاطمية أدعياء في نسبهم للبيت العلويّ الشريف، ومع أن المؤلّف - أخي محسن - يختلف مع أدعياء النسب إلا أنه أنصفهم، ولم يكتب غير الحقيقة التي يراها دون مزايدة أو مبالغة في أخبارهم، ومن مزاياه كذلك أنه ”يتصف بتقصٍ واسع لأحداث زمانه مع جودة في سبك الكلام، وصياغته، وتنسيقه، وكل ذلك يدل على أن الشريف نال قسطاً جيداً من علوم عصره لغةً وأدباً ومعرفة“.
احتوى الجزء الأول على نص الكتاب المجموع من المصادر التي نقلت عنه، حيث عملية الجمع والترتيب مسألة لا تقل جهداً عن التأليف؛ لأنها استخراجٌ من مصادر متعددة بأسلوب يحاول جامعه في أن يجعل معلومات الكتاب متماسكة ومنتظمة، كي لا يفقد قيمته العلمية، وتساعد كذلك على فهم مسار الأحداث، أما الجزء الثاني فقد احتوى على ترجمة الشريف العابد أخي محسن ومصادر كتابه ومعلومات عن الأحداث المصاحبة للفترة التي عاشها المؤلّف، وكذلك احتوى على منهجية الأستاذ الجنبي في إخراج هذا التاريخ وآلية التحقيق فيه، مع دراسةٍ كتبها حول الشريف والمصادر التي تحدثت عن نسب الخلفاء الفاطميين، ومجموعة ملاحق وضعها الجنبي تتمة لفكرة الكتاب وما يتعلق بها، حيث ناقش فيها آراء المثبتين والنافين لنسب الخلفاء الفاطميين للبيت العلوي الشريف، والجميل في الأمر أن الأستاذ الجنبي وضع في الملاحق معلومات ذات صلة بالكتاب، مثل: الخرائط التفصيلية لأهم المواضع المذكورة في تاريخ الشريف العابد، وصورة خطية من رسالة الخليفة عبدالله المهدي في نسبه، والمدرجة ضمن كتاب «الفرائض وحدود الدين» لابن منصور اليمن، وبعض النصوص ذات الصلة بمسائل تضمّنها الكتاب، بالإضافة إلى الفهارس والحواشي التي تتواجد في كل كتابٍ؛ ليخرج الكتاب بشكلٍ يتلاءم مع الفترة التي كتب فيها.