السَّارق المظلوم.. إن يسرِق فقد سرقَ أخٌ له من قبل!
كانوا يسمعونَ وقع حذاءه في الليل، وهم في الفراش، فقالوا: لابدّ أن هذا سارقٌ يسرقنا. ما لكَ أيها السَّارق تسرق كلَّ ليلة، لا تخشى من عذابِ الله والفضيحة؟ من الأفضل أن تذهبَ إلى مكانٍ آخر وتسرق!
ولمَّا لم يتوقف - السَّارق - كمنوا له ذاتَ ليلة قبلَ طلوعِ الشّمس بساعات، وأطلقوا النَّارَ عليه. ثم بحثوا في أحمالهِ ولم يجدوا فيها سوى أجربةَ طعام. وحينما انقشعَ الظَّلام، تعرفوا على جثَّة السَّارق - في نظرهم - فصرخوا كلهم: هذا جارنا الطيِّب، الذي يُكرمنا. لابدّ أنه كان يحمل أجربةَ الطعام ويعطيها الفقراء من الجيران!
إنَّكم لو انتبهتم فقط نصفَ انتباه، لما شككتم فيه، ولو انتبهتم ربعَ انتباه، لما قتلتموه. هذا ما فعلتم بالأمس أيضًا، عندما قلتم عن الجارِ الآخر لا يصلّي، ومن قبله ذلك الذي قلتم عنه يتلصص على جاراتكم. وهكذا إذا ما جاءكم واحدٌ بخبرٍ ذي شأن، أو شككتم في أمرِ شخص، لم تتبينوا الخبرَ بالبحث والفحص للوقوف على حقيقته وتسارعونَ لإطلاق عياراتِ الرصاص، ثم تندمون على ما فعلتم بتلك الأخبار الملفقة والمستعجلة والكاذبة. بقيَ عليكم الآن أن تستغفروا الله، ولا تعودوا لمثل هذه الأعمال.
﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ﴾ ، هكذا يقتل الطيِّب النبيل، في قياسٍ خاطئ أو تهمةٍ باطلة وسوء ظن. أصابَ صديقًا لي مرضٌ في عينيه، ذهبتا على إثر ذلك المرض وأصابه العمى باكرًا في حياته. يضحك كلما يظنّ النّاس أنه يحتقرهم عندما لا يناديهم بأسمائهم ولا يبدأ بتحيتهم، وهو فقط لا يراهم!
قالَ أميرُ المؤمنين «عليه السَّلام»: ضع أمرَ أخيكَ على أحسنه حتى يأتيكَ ما يغلبك منه ولا تظنن بكلمةٍ خرجت من أخيكَ سوءا وأنت تجد لها في الخيرِ محملا.