اليوم العالمي للقهوة
قلة منا، واقصد من اليافعين لم يتذوق أو يشرب القهوة. هناك اناس لا يشربون أيا من المشروبات المنبهة كالقهوة والشاي، ولكن اغلبية الناس يشربون القهوة خلال النهار، وهناك من يشربها حتى ليلا.
الذين لا يشربونها ليلا يخافون من تأثيرها المنبه، فيحرمهم نوم الليل، ولكنهم حينما يشربونها نهارا فهي لا تحرمهم من قيلولة بعد الغداء، بمعنى أن تأثيرها عليهم لا يظهر الا في الليل. لا أعلم ماذا يقول خبراء النوم واطبائه حول ذلك، ولكني شخصيا اميل الى ذلك يعود للتعود، فمتى ما تعود الجسم على تناول القهوة او الشاي «بانواعه» ليلا، وخاصة بعد العشاء، فقوة القهوة التنبيهية تضعف او حتى يتلاشى تأثيرها على دماغ شاربها. كما ان حاجة الجسم للنوم تفوز على تأثير القهوة المنبه، الذي هو منبع لذتها، ومصدر اكتشافها حينما «كما يقال» اكتشف تأثيرها المنبه احد الرعاة في اليمن على غنمه التي كلما كانت تأكل من هذه النبتة «القهوة» اثناء رعيها تبقى مستيقظة طوال الليل ولا تدع راعيها ينام..!!.
حاليا تعد القهوة اكثر المشروبات انتشاراً في العالم متفوقة على الشاي، كما ويزداد عدد شاربيها عام بعد آخر. فهي مشروب شعبي وعالمي حتى لو لم يخصص لها يوماً عالميا ً.
في العقدين الاخرين ازداد شرب القهوة ليس فقط داخل المنازل، بل في اماكن العمل، واماكن الترفيه المتخصصة في القهوة وبأسماء مختلفة انتشرت في مختلف بلدان العالم. والقيمة السوقية لبعض هذه الاسماء غدت منافسة لاسماء شركات لمنتجات مختلفة اقدم منها عمراً. كما واصبحت شركات القهوة من الشركات المصنفة ضمن الشركات ذات الربحية العالية. واليوم هناك اشكال وانواع مختلفة من مكائن تصنيع القهوة الصغيرة الحجم التي تناسب البيوت والمكاتب الصغيرة، متخطية في وظائفها وطعم منتجاتها تلك المكائن الكبيرة التي انتشرت في فترة معينة في المطارات ومحطات القطارات ومباني الشركات وبعض الدوائر الحكومية، وتدريجيا بدأت تأخد مكان ”القهوجي“ البسيط الذي كان يتفنن في اعداد القهوة ويحرص على كسب رضى شاربيها حين تقديمها لهم طازجة عبقة برائحتها المميزة. اما اليوم فلم تعد رائحة تحميص البن تملأ البيوت كما كانت في العقود الماضية، فالقهوة المعلبة حلت محلها وابعدت تلك الروائح المميزة عن مطابخ اليوم. ويوم بعد يوم نجد انفسنا نعتمد على الاطعمة والمشروبات الجاهزة بدلا من تجهيزها واعدادها داخل المنزل، رغم توصيات اخصائي الاطعمة بالتقليل من هذا الاعتماد، وهذا ينطبق على القهوة التي خصص لها الاول من اكتوبر كيوم عالمي لها.
حينما ابتكرت القهوة السريعة التي لا يحتاج تحضيرها الا الى ماء مغلي، كان الاقبال عليها قويا واصبحت من مقتنيات مطابخ كثير من البيوت، ولم يكن هناك اي تحذير طبي من استخدامها، واليوم هناك من يرى انها ليست قهوة نقية وان بها اضافات ونكهات صناعية لا تجعلها مناسبة صحيا لكل شاربيها، وهناك نصائح بالتوقف عن شربها. واذا ثبت مستقبلا ان من ادمن على شربها وتعرض نتيجة لذلك لمشاكل صحية، فمن هو المسؤول عن ذلك؟.. وهل سيتبع ذلك دعاوي ضد هذه الشركات كما نرى اليوم ضد شركات التبغ؟؟؟ اتمنى ان لا يحدث ذلك لا حباً ولا دفاعاً عن هذه الشركات وانما لكي لا تكون هذه الانواع من القهوة سبباً لمرض أي إنسان. ويظل الناس يشربون كل انواع القهوة ويستمتعون بها دون خوف أو قلق.
هناك جانب آخر من الصورة وهو المال الذي يختفي وراء كل المصائب ولنسأل انفسنا كم بلغت ارباح شركات تصنيع القهوة وتعبئتها والدعاية لها؟ وهذا السؤال يتبعه سؤال آخر: هل تحديد يوما عالميا للقهوة جاء نابعا من شغف الناس بالقهوة، ام وراءه مصالح كبيرة تختفي تحت عنوانين بريئة.؟ اترك الجواب لكم.
ومع هذا دعونا اليوم نحتفي بالقهوة ونردد ما انشدته الفنانة سميرة توفيق حينما غنت ”يا صبابين القهوة زيدوها هيل صبوها للنشامى على ظهور الخيل“. فنحن الآن نشرب قهوتنا ونحن نقود سيارتنا متجهين للعمل او الدراسة، فخيول الامس صارت سيارات، وصار الفنجان قدحا كبيرا لا ينتهي محتواه بسرعة كما كان فنجان سميرة توفيق.
ولنتذكر طعم اول قهوة شربناها من اعداد امهاتنا، ونردد مع الفنان مرسيل خليفة قصيدة المرحوم الشاعر الفلسطيني محمود درويش
”احن الى قهوة امي“..
وكل عام ومحبي القهوة بخير