آخر تحديث: 26 / 12 / 2024م - 1:42 م

فراغُ قلبِ أمّ موسى أم فراغ قلب فاطمة بنت محمَّد أجمل؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

كادت أمُّ موسى أن تفضحَ السرَّ وتكشفَ حقيقة أنَّ الصبيَّ في اليمِّ هو ابنها النبيّ المرتقب - موسى عليه السَّلام - لكن اللهَ سبحانه ربطَ على قلبها وشملها برعايته وجعلَ قلبها فارغًا وخاليًا من الخوفِ والحزن، لكي لا يأخذها الجزعُ بعيدًا فتبدي ما كان عليها أن تخفيه من أمرِ ولدها، وفي النهايةِ نجا موسى وكانَ من أمرهِ ما كان.

قارن هذا الفراغ القلبيّ بفراغِ قلبِ فاطمة عليها السَّلام - ابنة النبيّ محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وآله - حينما شارفت منيَّته وقربَ ارتحاله من الدّنيا، وكيف ربطَ اللهُ على قلبِها أيضًا، لأن محمَّدًا كان والدَها وحِماها وكانت تكنَّى ”أمّ أبيها“. قال النبيُّ محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وآله لابنته: ”ادني مني يا فاطمة، فأكبَّت عليه فناجاها فرفعت رأسها وعيناها تهملان دموعًا، فقال لها: ادني مني، فدنت منه فأكبَّت عليه فناجاها فرفعت رأسها وهي تضحك، فتعجبنا لِمَا رأينا، فسألناها فأخبرتنا أنه نَعى إليها نفسه فبكت، فقال: يا بنيَّة لا تجزعي، فإني سألتُ ربِّي أن يجعلكِ أول أهل بيتي لحاقًا بي، فأخبرني أنه قد استجابَ لي، فضحِكت“.

كان ربطًا عجيبًا على قلبِ أم موسى، أفرغه من كلِّ خوفٍ وغمّ، وربطًا أجمل منه على قلبِ فاطمة جعلها تضحك. لم يكن الرّبط على قلبِ فاطمة في صورةِ حياةٍ هانئة أو في راحةِ بال، بل كان في سرعةِ اللحاقِ بأبيها والانتقالِ إليه، هناكَ يلتقيان في مقعدِ صدقٍ عند مليكٍ مقتدر. وفعلًا بعد أشهرٍ قليلة ماتت وكان من أمرِها ما كان أيضًا!

وعلى هذا جرت السيرةُ في ذكرى وفاةِ النبيّ محمَّد صلَّى الله عليهِ وآله أن يكونَ فيها تذكر أوجاعِ السيِّدة فاطمة عليها السَّلام، بجانبِ فراشِ أبيها، وما بعد ذلك في بقيَّةِ الأيام، لم يُسمع فيها إلا بكاؤها وانفصالها عن هذا العالم، وانتظار ما وعدَها أبوها.

فذلك رباطانِ على قلبين، واحدٌ نالته أمّ نبيٍّ ولدته، وثانٍ نالته بنتُ نبيٍّ حنت عليه حنوَّ الأمَّهات حتى صارت ”أمَّ أبيها“!

مستشار أعلى هندسة بترول