آخر تحديث: 26 / 12 / 2024م - 1:42 م

السيِّد هاشم الستري يأمر.. قُمْ جدِّد الحزنَ في العشرين من صفرِ والملايين تطيع

المهندس هلال حسن الوحيد *

لا تستغرب إذا سمعتَ البارحة واليوم، وربَّما في سائرِ الأيَّام ناعيًا في القطيف ينشد: قم جدِّد الحزنَ في العشرين من صفرِ فتجاوبه ناعيةٌ في العراق: ففيهِ رُدَّت رؤوسُ الآلِ للحفرِ!

ذلك لأنَّ اللهَ قذفَ في قلبِ السيِّد هاشم الصياح الستري - صاحب هذه القصيدة - حبَّ الحسين عليه السَّلام، فنظمهَا لآلئَ ودُرَر، أعيت الشّعراءَ أن يأتوا بمثلها. هذه القصيدة مكتوبةٌ على بابِ مرقده - الطيِّب الثرى - في مسجدِ الشَّيخ ناصر، في قريةِ الكورة، بمملكة البحرين، وإذا وقفتَ دقائق وقرأتَ شطرًا منها، سوف تسأل نفسك: هل كان هذا الرجل في الرحلةِ مع الركبِ الهاشميّ؟ وإلا كيف قدر أن يصور تلك المشاهد واللَّواعج!

هذه القصيدة الفريدة هي فاتحة القصائد التي لا يستغني عنها أي ناعٍ للتو تعلم فنونَ النعي أو ارتقى المنابرَ طيلةَ حياته، وما على الناعي إلا ذكر الشطرِ الأوَّل من أحد أبياتها، وسوف يكمل الجالسونَ قراءةَ البيتِ وما بعدهُ وما قبله، فلا يكاد يوجد رجل أو امرأة من كلِّ الأجيال والأعمار إلا سمعوها وحفظوها عن ظهرِ الغيب.

عن أبي عبد الله عليه السَّلام قال: ”من أرادَ اللهُ به الخيرَ قذف في قلبه حبَّ الحسين عليه السَّلام وحبَّ زيارته، ومن أرادَ اللهُ به السوءَ قذفَ في قلبه بغضَ الحسين وبغضَ زيارته“. فما ظنّكم بحجم الحبّ الذي قذفه اللهُ في قلبِ السيِّد الستري، وحجم الخير الذي أعطاه حتى تصبح هذه القصيدة أعظم وأشجى قصيدة في ذكرى الأربعين يومًا من شهادةِ الإمام الحسين عليه السَّلام؟!

بالله عليكم، من يستطيع أن يصور هذا المشهد الأمرّ من العلقم؟

لا تدفنوا الرأسَ إلا عندَ مرقدهِ... فإنه جنَّةُ الفردوسِ والزهرِ

لا تغسلوا الدّم عن أطرافِ لحيتهِ... خلوا عليها خضابَ الشيبِ والكبرِ

رشوا على قبرهِ ماءً فصاحبهُ... مُعَطَّشٌ بللوا أحشاه بالقطرِ

لا تدفنوا الطفلَ إلَّا عندَ والدهِ... فإنه لا يُطيق اليتمَ في الصِّغَرِ

ومن يسمي هديَّة للنبيّ محمد ﷺ - غير السيِّد هاشم - يعود بها الركبُ الذي سافرَ من المدينةِ المنورة رجالًا ونساء، في هيبةٍ وجلال، ثم عادوا نساءً وأطفالًا أسارى؟

يا راجعينَ السَّبايا قاصدينَ إلى... أرضِ المدينةِ ذاكَ المربعِ الخضرِ

خذوا لكم من دمِ الاحبابِ تحفتكم... وخاطبوا الجدَّ هذي تحفة السَّفرِ

قصائدُ خالدات على مرّ التاريخ، نسمعها مرَّات كلَّ سنة، نظنّ أن قائلها من بلادٍ بعيدة، وعندما نعرف اسمه نجده ليس إلا من وطننا أو قريبًا منا. رحمَ الله من نظمَ في الحسينِ شعرًا فأبكى، له من الله ما لا يحصى عددًا من الأجرِ والثَّواب!

مستشار أعلى هندسة بترول