آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 5:57 م

شغفي بالحياة أين سيصل

فاطمة فتحي النمر

شارفت خطواتي الجامعية على الاقتراب من ختامها ومازلتُ أتأمل لمعنى كلمة شغف ويراودني شعور أنها كلمة عميقة لها مدلول شاهق الارتفاع بحجم ما تعطي أصحابها وتغدق عليهم فرحًا، مرة أخرى أعود للبحث لاكتشاف معنى جديد لها.

أمضيت حوالي أربع سنوات بالبحث عنها والكشف عن ماهيتها وعن معناها الحقيقي وأجد نفسي أتساءل مرات كثيرة:

لماذا نركض وراء شغفنا؟

وما هو الشغف؟ هل هو عمل نقوم به أم هو حبنا لعملنا؟ أم عملنا المعتاد؟ ولماذا أبحث عنه؟ وهل أنا شغوفة بشيء معين؟ وماهي نظرتي الخاصة تجاهه؟

في البداية سأتحدث معك يا صديقي بكلام سهل يسير إن كلمة «الشغف» من المنظور العام حدودها بسيط وعام، وفي حال أنك فكرت في أن لديك شغف واحد أو وظيفة واحدة وتستبعد كل شيء كما أنه إذا فعلت ذلك كل شيء سوف يكون في مكانه الصحيح وإن لم تفعل فإنك ستفشل! إن الكثير يحمل هذا المنطق الذي يتسم بالثبات والتعصب.

وفي الجهة المقابلة يأتي الضغط النفسي مبكرا خصوصًا بأننا في عالم له إيقاعه السريع، عالم تكنولوجي يرافقك طيلة حياتك إذا لم تجعل له حدود وتوقفه، وتبدأ مرحلة الضغط الأولى عند تخرجك من المدرسة، يتحتم عليك اختيار «تخصص جامعي» كما تطلق عليه دكتورتي العزيزة: ”الحتمية الاختيارية“.

في سنتي الثانية من الجامعة التقيت بطالبات في السنة التحضيرية لم يعرفن ماذا عليهن ارتياد أي من التخصصات المتاحة ومن خلال بحثي المستمر عن الشغف وجدت بأنه ليس تخصص جامعي وليس هواية أو رياضة أو خطة معينة بل هو مشاعر والمشاعر تتأثر وتتقلب من يوم لآخر كما أن الشغف يكمن في ذلك وطاقتك المستمرة في التركيز للاهتمام بشيء أو أنه السعي الدائم بإتقان وإخلاص للوصول لأفضل النتائج.

نحن البشر بطبيعتنا نبحث عن نور ينقذنا من ظلام النفق ولا نبحث بما يحتوي هذا النفق! لذلك نصيحة مني لك ابحث عن مشكلات مفضلة لديك أجعل الآخرين يشكرونك بتحسين حياتهم للأفضل سيحتضنوك ويمتنون لك صدق مشاعرك.

في مجلة وال ستريت كُتبت مقالة اعجبتني عن الشغف: ”أن النجاح يُطعَم بالشغف أكثر من تغذي الشغف بالنجاح“

ومعنى ذلك اسعَ أيها الانسان مهما كانت الصعاب ستجده يوما ما، ما تريده اسعَ له بإخلاص وحب!

إحدى اللقطات القابعة على في ذهني في ساحة المعرض الجامعي «إنتاجي إبداعي» في سنة 2019م وجود طالبة تخصصها ”الأحياء الدقيقة“ في نفس الوقت شغوفة بالعطور المستخرجة من الأزهار لديها محل تديره بنفسها وهي طالبة كما يُقال ”ضربت عصفورين بحجر واحد“، تنفست الصعداء في دراستها وجعلت من هوايتها شيء تنتفع به من خلال استخدامها لتخصصها الذي تدرسه مع قليل من التعليم الذاتي في إدارة المحل والتسويق لنفسها.

إحدى صديقات الطفولة تدرس الطبابة وتعشقها وتتغنى بالكلمات الطبية كما أنها تهوى الكتابة وتكتب مقالات بمختلف المحتويات، لا تخشى أن تقع في مطبات التعدد في الهوايات لأن بالتعدد ستلقى نفسك بين الحين والأخر.

بادر وساعد الآخرين بما تمتلك لتلقى أجرًا وخبرة، لكن لتبقى لك بصمتك الخاصة وعملك الخاص «عمل أو عملان» سيثبتان وجودك في معترك الحياة العلمية. بعد البحث عن نفسك لتستمر فيهما بحيوية وإخلاص.

نصيحتي لك ولنفسي ألا تتوقف عن الخوض في تجارب جديدة أو هوايات جديدة، لأن الإنسان يظل يجهل بعض معالم طرق نفسه العميقة المتشعبة وسيظل يقول: «لم تعرف نفسك للآن»

ومن وجهة نظري الخاصة أن الشباب قوة هائلة من الأفكار والطاقات وأن هذه الحياة رحلة للتعمق بذاتك والبحث عنها.

قم الآن وأحضر ورقة وقلما وسجل كل شيء تود فعله وافعله لا تنتظر شغفك بل زود شغفك بالعمل.

إحدى تجاربي التي ارتدتها بداية العام الجديد هو ”الديتوكس الإلكتروني“ أو ما يطلق عليه بالعربي «تصفية الذهن» من مشتتات العالم التقنيّ ويستمر لمدة أسبوع كامل، وهو من الأشياء التي اكتشفتها وأشبعتُ بها حب الفضول المعرفي الذي يكاد يُسيطر على شغفي العلمي بمعرفة شعوب العالم وثقافاتهم والتحدث معهم باختلاف جنسياتهم.

وخلاصة بحثي توصلت إلى أن الشغف ليس مقياسا يُعتمد عليه نهائيا، فإذا أردت العيش بحياة مليئة بالحياة لها قيمتها وجدواها لا تتبع شغفك بل اجعله يتبعك.