الموضة الجديدة.. شغل كل الأجيال!
استمتعنا بصحبة الأحفاد طوال الثلاثة الأيام التي خلت، وبما أن الذكور منهم قاربوا سنوات البلوغ، كان جل حديثهم عن السيارات وأجهزة الهواتف الحديثة، وغيرها من أدوات العصر. هم تمامًا يشبهوننا بالجري وراء ”الموضة“، غير أننا كنا نجري وراء أدوات وأشياء أقلّ ثمنا!
أظن كلكم تتذكرون عندما كنتم في الصفوف الأولى من الدراسة، لابد من الحقيبة الجديدة بداية كل عام دراسي جديد، ولا يهم إذا كانت القديمة في أحسنِ حال، الجديدة أكبر وعليها رسمٌ أجمل وفيها قفل بالأَرقام. الحمد لله أننا لا نتعامل مع أزواجنَا كما نتعامل مع الأشياء، وإلا في كل يوم لنا طلاق وافتراق!
هاتف ابني المحمول صار قديمًا - فقط - لان النسخة الجديدة من هذا الهاتف جاءت في لونٍ أصفر، لم يكن متوفرًا من قبل. هاهو اشترى واحدًا الآن بذلك اللون الجميل مع أن بقية المواصفات لم تتغير. قبل سنوات، كان أولادي، كلما شاهدوا لعبة كرة القدم، لم يناموا حتى يبحثوا عن القميصِ الجديد والحذاء الذي لبسه فريقهم المحبوب، مع أنهم بالكاد لبسوا القميصَ والحذاءَ القديم!
زوجتي اشترت حذاءً أحمر، لأنّ ذلك يناسب لون حقيبتها اليدوية، فتبدو أكثرَ أناقة. ليت الأمر يقف هنا، ولا يصل إلى أثاث المنزل، والسيارة وكل شيء يصبح ”موضة قديمة“ فقط لأن تاجرًا أعلن عن توفر البديل الجديد، فلابد من تغيير القديم.
لا تكاد تعد المناسبات التي تأتينا فيها نصائح وتوصيات بأنَّ علينا أن نواكبَ الحياة العصريَّة ونساير الزمان، وإذا لم نشتر ونتمتع بما عندنا من مال، فلن نأخذه معنا للقبر! والحقيقة هي أن المصانع تقنعنا بأن ما في أيدينا أصبح ”موضة قديمة“، وإذا ما احتفظنا بها ظنَّ الناس عنا أننا متخلفون، وبعيدون عن العصريَّة، وبالتالي تضيع مدخراتنا!
هي فقط خطة لتقليل عمر المنتج الذي نشتريه وزيادة أرباح الشركات، عندما يغير المصممون المواصفات الجمالية، دون أن يغيروا الخصائصَ الوظيفية، من أجل أن يركبَ المستهلك ”موجة الموضة“ و”الفاشن“. حيث لا يظهر لاعب في حذاءٍ مختلف، أو في قميصٍ جديد، أو ينتج المصنع نسخة جديدة من الهاتف، إلا اصطفت طوابيرُ الزبائن من أجل الحصول عليه قبل غيرهم!
بصراحة، أغبط صاحبي الذي لا يزال يحتفظ بالنسخة الأولى من الهاتف المحمول، مع أنه لا يستخدمه إلا عند الضرورة. لا تحديث ولا إصلاح ولا رقم النسخة تسعة أو عشرة!