آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 11:37 م

ما دور الرضاعة الطبيعية في منع اضطرابات الجهاز الهضمي: الإمساك والإسهال والارتجاع؟

يتكون الجهاز الهضمي من عدة أعضاء تبدأ بالفم وتنتهي بفتحة الشرج، وهو الماضغ والهاضم والممتص للغذاء والمتخلص من بقاياه.

يدخل الغذاء إلى الفم الذي يمضغه بالأسنان وبحركة اللسان، ويهضم جزءً منه بواسطة اللعاب ويبتلعه، ليصل إلى المريء الذي يحركه باتجاه واحد نحو المعدة، الهاضم الأكبر للبروتينات، ويخرج منها ليختلط بسائل المرارة وإنزيمات البنكرياس لتتمكن الأمعاء الدقيقة من إكمال عملية هضم الدهون والكربوهيدرات وامتصاص الغذاء، وهنا سخر الله للإنسان بكتيريا نافعة تساعده في إتمام عملية الهضم وتحارب البكتيريا الضارة التي يبتلعها الإنسان وتنتهي رحلة الطعام في الأمعاء الغليظة، التي تمتص الماء وتخرج مالم يستفد منه الإنسان مما تناول من الطعام عبر فتحة الشرج.

عندما يرضع الطفل من ثدي أمه بالطريقة الصحيحة، فإن الحليب يصب في مؤخرة الفم فلا يلامس الاسنان الأمامية ولا يسبب لها التسوس، كما أن وضع الثدي داخل فم الطفل يشكل الفكين بطريقة صحيحة، فلا تتزاحم الأسنان فيهما.

إن عملية الرضاعة الطبيعية تحتاج إلى إقفال الفم بشكل جيد وتحريك اللسان والفك بشكل فعال، وهذا يقوي عضلات الفم والفكين لدى الطفل.

فإذا ابتلع الطفل حليب الأم السهل الهضم الذي لا يبقى في المعدة إلا مدة قصيرة، فإن المعدة لا تحتاج لقوة عضلية لهضمه بل تكتفي بإفراز الإنزيمات التي تهضمه، على العكس من الحليب الصناعي صعب الهضم، الذي يشكل عبئا كبيرا على المعدة فتحاول بكل قوتها أن تكسره عن طريق تقلصات قوية لعضلاتها قد تدفعه بالاتجاه الخاطيء نحو المريء مرة أخرى، مما يسبب الارتجاع عند الاطفال، ولقد أثبتت الدراسات العلمية أن الاطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية حصرية، أقل اصابة بالارتجاع من أولئك الذين يتناولون الحليب الصناعي، وأن تأثير الارتجاع على المريء والجهاز التنفسي أقل حدة عندهم.

هذه البروتينات التي لا تهضم، تجعل الأمعاء حامضية الوسط وهذا يقتل البكتيريا النافعة ويعطي فرصة للبكتيريا الضارة التي تخمر الحليب بالنمو، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الغازات في أمعاء الطفل، كما أن هذه البكتيريا قد تسبب الإسهال عند الطفل، والذي يكون قليل الحدوث لدى الطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية، لأن حليب الأم يحتوي أجسام مضادة وكريات دم بيضاء، تقاوم البكتيريا والجراثيم والفيروسات والفطريات التي تسبب الإسهال وتقضي عليها.

وينتقل الحليب إلى الاثني عشر حيث يختلط بعصارة المرارة لتستطيع إنزيمات البنكرياس هضم الدهون الذي يحتويها، ولكن إنزيمات البنكرياس لا تفرز بشكل جيد إلا بعد الستة الأشهر الأولى من العمر فكيف تهضم دهون الحليب؟؟

إن حليب الأم يحتوي على الإنزيم الهاضم للدهون، كما أن الدهون فيه هي دهون بسيطة وغير مشبعة فهو يهضم نفسه بنفسه، أما الحليب الصناعي فالدهون فيه معقدة ومشبعة ولا يوجد به الإنزيمات الهاضمة، فهذه الدهون لا تهضم ولا يستفيد منها الطفل بشكل جيد، بل تبقى في أمعائه، لتتحد مع ملح الكالسيوم وتجعل البراز صلبا قاسيا بني اللون، فيعاني الطفل من الامساك، فالطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية، قد يتبرز مع كل رضعة وهذا طبيعي لأنه لايوجد به ما يجعله صلبا، ولا يعتبر هذا إسهالا.

وماذا عن سكر الحليب - اللاكتوز - وهو الكربوهيدرات الأساسية في الحليب؟

عادة ما يهضم سكر اللاكتوز بإنزيم اللاكتيز الذي يفرز من سطح الأمعاء الدقيقة، إلا أن هذه الأمعاء غير مكتملة النمو بعد الولادة، فهي تفرز هذا الإنزيم بكميات قليلة، ولذلك وضع الله هذا الإنزيم في حليب الأم ليهضم سكر الحليب جيدا، أما الحليب الصناعي فهو لا يحتوي على هذا الإنزيم، فيبقى سكر اللاكتوز ليتخمر في أمعاء الطفل، ويؤدي ذلك إلى تجمع الغازات التي تسبب المغص والألم للطفل.

وهناك مسألة مهمة يجب أن لا نغفل عنها، إذ أن حليب الأم يتكون في معظمه من الماء الذي يحتاجه جسم الطفل بكميات كبيرة للقيام بوظائفه الحيوية ويساعده على إخراج الفضلات، أما الحليب الصناعي فيجب أن يخلط مسحوقه مع الماء بكميات ثابتة محدودة، تجعل عملية الإخراج عند الطفل أصعب، فإن زادت الأم كمية الماء أو قللت كمية المسحوق، أدى ذلك الى اختلال في أملاح الدم عند الطفل، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث التشنجات والموت، لا سمح الله.

إضافة إلى ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى خلق حليب الام في ثديها جاهزا، لا يحتاج الى أدوات أو تعقيم، بينما يحتاج تحضير الحليب الصناعي إلى تعقيم الأدوات المستخدمة في تحضيره وإعطائه للطفل، فإن لم تقم الأم بعملية التعقيم، بشكل صحيح أدى ذلك إلى دخول البكتيريا والفيروسات والطفيليات إلى الطفل، الذي لا يستطيع جهازه المناعي غير المكتمل نمواً التغلب عليها، فتسبب الإسهال عند الأطفال، ولقد أثبتت الدراسات العلمية أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة صناعية فقط، يصابون بالإسهال بنسبة قد تصل إلى سبعة عشر ضعفا مقارنة بالأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية.

فحليب الأم سهل الهضم، بل وفعال حيث يستفاد من كل مادة فيه استفادة كاملة، وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية حصرية صحيحة، تزداد أوزانهم أكثر من أولئك الذين يرضعون رضاعة صناعية خلال الأربعة الأشهر الأولى من العمر.

استشارية طب حديثي الولادة والخدج، واستشارية الرضاعة الطبيعية بمستشفى القطيف المركزي