تربّى يتيمًا.. الآن هو أبٌ لملياراتِ البشر!
إذا عرفتموه، صلوا عليه وآله، وإن فاتكم تذكره فهو النبيّ الأمي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني، محمد ﷺ، الذي بحق لم يخلق اللهُ أجملَ منه خَلقًا وخُلقًا!
تمر بعد أيامٍ ذكرى وفاة هذا - الأب - النبيّ الأكرم، فحريّ بنا لو قرأنا بضعةَ أحاديث من أحاديثِه ووصاياه، فلربما استبانَ لنا شيء من مكنوناتِ أسراره وخبايا حكمته، إذ لا تنفع الدموعُ والذكرى الخالية من المعرفة، ولو في أدنى مراتبها!
خلاصة الكلام: نسيرُ في أيام السنين غافلين عن تصفح سيرة العظماء، وأعظمهم النبي محمد ﷺ، فينبغي لنا وفتياننَا وفتياتِنا أن نستضيءَ بقبساتٍ من ذلك النور. واجب علينا أن نبدأ بتعريفه إلى أبناءنا وأنفسنا وللعالم. أما كيف؟ فأنجَع وسيلة فهي أن نعرفه نحن ومن ثم يعرفه العالم من خلال أخلاقنا. وإذا ما استُدِلَّ على النورِ بالنور، فلا أعظمَ من نورِ الخالق الذي وصفَ محمدًا ﷺ فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى? خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ ، جملة مختصرة وفىّ فيها اللهُ النبيَّ حقه، حين قال عنه أنه استوى وتربع على الخُلِق العظيم، في ”على“.
تنقطع الأنسابُ والأسبابُ في يوم القيامة، ويتسول الناسُ نسببَ وسببَ هذا الرسول الأكرم صلى اللهُ عليه وآله، لكي يمدّ يده لمن كادت المعاصي أن تقذفَ به في النَّار من هذه الأمة التي كان بها رحيمًا في حياته، وشفيعًا لها بعد مماته. تنبسط يداه حينئذٍ لهم انبساط يد الغنيّ الجوادِ الكريم على المتسول الفقير، وتنبعث منه الرحمةُ انبعاثًا، كما انبعثت في الدنيا ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ ، فهم به يومئذ مرحومون.
”أنا وعليّ أبوا هذه الأمة ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم، فإنا ننقذهم إن أطاعونا من النَّارِ إلى دارِ القرار، ونلحقهم من العبوديَّة بخيارِ الأحرار“، فإذا كان في الحياة من يقدم لنا خدمةً بسيطة في معرفة أي طريقٍ نسلك، فلا ننسى تلك الخدمة أبدا، كيف إذا بمن دلًانا وهما - محمد وعلي - على الطريق إلى اللهِ والجنة؟!
باختصار، اجتمعت في هذا النبيّ مكارمُ الأخلاق، فأمامَ العرشِ الأعلى من الجمال، هل يبقى متَّسَعًا لنا لنجهلَ علوّ مقامه؟ ويكفينا في دعوته لمكارم الأخلاق، قوله ﷺ: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجةَ قائمِ الليل وصائمِ النهار.