آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:18 م

ما دور الرضاعة الطبيعية في تخفيف أمراض الحساسية أو منع حدوثها؟

أمراض الحساسية هي أمراض تدخل فيها بروتينات غريبة للجسم، فيتفاعل ضدها جهاز المناعة بصور مختلفة، وتظهر على الإنسان على هيئة أمراض مختلفة كحساسية الأنف والإكزيما وحساسية الطعام والأزيز التنفسي والربو.

وتعتبر الوراثة العامل الأهم لأمراض الحساسية، حيث تحدث أمراض الحساسية بسبب وجود جينات معينة عند الإنسان، ولكن هذه الجينات لا تبدأ بالعمل إلا إذا تعرض الجسم للبروتينات الغريبة، التي تنشط عمل هذه الجينات.

وكلما زاد تعرض الانسان لهذه البروتينات، زادت شدة إصابته بأمراض الحساسية.

كيف تدخل هذه البروتينات إلى جسم الطفل؟

الطريقة الأكثر شيوعا لدخول هذه البروتينات هي عن طريق الأمعاء، ويليها دخولها عن طريق الجهاز التنفسي، حيث تفتقر أمعاء الأطفال الذين دون سن الستة أشهر وجهازهم التنفسي إلى إمكانية تصنيع أجسام مضادة إفرازية من نوع «أ» Ig A والتي تعمل على تغليف الأمعاء والجهاز التنفسي وترتبط بالبروتينات الغريبة، لتمنعها من الدخول إلى دم الطفل وإثارة جهازه المناعي، لينتج عن ذلك إصابة الطفل بأمراض الحساسية.

هذا النوع من الأجسام المضادة يوجد في حليب الأم منذ الولادة، ويستمر وجوده حتى الفطام ويكون عالي التركيز جدا في اللبأ، وهنا تتجلى عظمة الخالق فكل ما يفتقده الطفل حديث الولادة لمواجهة مصاعب الحياة سنجده في حليب أمه.

تغلف هذه الأجسام المضادة أمعاء الطفل غلافا ذهبيا، يمنع البروتينات الغريبة من اختراق الأمعاء لتصل إلى الدم وتثير جهازه المناعي.

وليس هذا هو السبب الوحيد الذي يجعل الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية حصرية لمدة ستة أشهر أقل إصابة بأمراض الحساسية حتى سن البلوغ، كما أثبتت ذلك دراسات علمية كثيرة، فهناك أسباب أخرى.

لننظر عن كثب إلى تكوين بروتين حليب الأم، فهو يتكون عند الولادة من بروتين مصل اللبن «Whey protein» بنسبة 90 ??، وهو بروتين سهل الهضم يشابه الألبومين الآدمي الموجود في جسم الطفل، وهو لايسبب أمراض الحساسية، ولكن الحليب الصناعي وإن عولج بالطرق الحديثة فهو يبقى حليبا بقريا يتكون من بروتين الكازين بنسبة قد تصل الى 80??، وهو بروتين صعب الهضم، وكذلك يحتوي على بروتين اللاكتوجلوبيولين والألبيومين البقري، وكلها بروتينات من الممكن أن تحفز جهاز المناعة، ليصاب الطفل بأمراض الحساسية، ولا سيما إذا اعتمد الطفل على الحليب الصناعي اعتمادا كليا، حيث تكون كميه هذه البروتينات كبيرة جدا مقارنة بحجم جسمه الصغير، فتصبح أمراض الحساسية لديه شديدة جدا.

ولقد‎ أوضحت الدراسات أن تأخر تعرض الطفل للبروتينات الغريبة لما بعد الستة أشهر، يخفف أعراض أمراض الحساسية لديه، وقد يمنع حدوثها تماما.

فقليلا ما يصاب الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية حصرية بالأكزيما التحسسية، ولايكون تحسسهم ضد حليب الأم ولكنه ضد بروتين آخر - غالبا ما يكون البروتين البقري - تناولته الأم في غذائها فيفرز في حليبها، ليهيج جهاز المناعة عند الطفل، فإذا امتنعت الأم عن تناول هذه البروتينات تختفي أعراض الحساسية عند الطفل.

ولا ننسى هنا أن نذكر أن الرضاعة الطبيعية الحصرية تساعد على نمو البكتيريا النافعة - لأسباب كثيرة، مثل وجود الأجسام المضادة للجراثيم والبروتينات النافعة والكربوهيدرات قليلة السكاريد ووجود الوسط المناسب لنموها - وهذه البكتيريا تحارب البكتيريا الضارة مما لا يوجد في الحليب الصناعي، فإن ما لا يهضم منه يزيد حموضة الأمعاء مما يسبب قتل البكتيريا النافعة، واستبدالها ببكتيريا ضارة، قد تخترق أمعاء الطفل وتسبب له أمراض الحساسية المختلفة.

فحليب الأم ليس فقط لا يسبب الحساسية، بل إنه قد يخفف أعراضها، بل وقد يمنع من إصابة الطفل بها، فهو خير غذاء وأسلم دواء.

استشارية طب حديثي الولادة والخدج، واستشارية الرضاعة الطبيعية بمستشفى القطيف المركزي