آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:22 م

التحولات الفكرية في عالم كورونا

برير السادة

تمر حياة الانسان والمجتمعات بالعديد من التقلبات الفكرية والنفسية، وهي تبين بوضوح اثر الاحتكاك اليومي بالمحيط والبيئة في مزاج وعاطفة الانسان وتفكيره وماينتجه من سلوك. ولعلها اكثر ظهورا في حياة العلماء والمفكرين بسبب ما يرى ويلمس من تباين في ارائهم ونتاجهم العلمي.

فهذُا الدكتور مصطفى محمود يروي قصة تحوله من الالحاد الى الايمان في فيديو منشور على منصة اليوتيوب بسبب رؤيا اخفقت العلوم المادية في شرح سبب تحققها على ارض الواقع. وهذُا سيد قطب الذُي درس في الولايات المتحدة وكان يكتب المقالات عنها في الصحف المصرية مثل مقاله ”امريكا التي رايت“ تاثر بالفكر الماركسي فتغيرت دفة الافكار تباعا، فمن كتاب ”التصوير الفني في القران“ الذي لاقى استحسان الادباء ومنهم الروائي نجيب محفوظ الى كتاب ”العدالة الاجتماعية في الاسلام“

ولقد سجل الكاتب المصري هاني نسيرة في كتابة الحنين إلى السماء: دراسة في التحول نحو الإتجاه الإسلامي في النصف الثاني من القرن العشرين، تجارب بعض المفكرين المصريين مثل الفيلسوف زكي نجيب محمود وعبدالوهاب المسيري وطارق البشري والفرنيس روجية غارودي والالماني مراد هوفمان

تاتي التحولات الفكرية للعلماء والمفكرين عادة بعد دراسات طويلة وعميقة، فهي ليست تحولات ذات منحنى عاطفي ”فلا يلتفت الشخص إلى صوت العلم والعقل، وينساق وراء عاطفة جامحة، متاثرا بموقف وجماعة ومشهد من مسلسل او فيلم من هنا وهناك كما يفعل البعض باسم الحرية والثقافة والحضارة دون ان يكلف نفسه البحث والتنقيب، فتحولات كتلك فاقدة للحكمة، جانحة للفوضى والاضطراب والانتقاء بالتشهي والهروب من كل التزام ديني واجتماعي. فنحن كما يرى الدكتور علي فخرو“ فى عالم لا يتصف فقط بتغيرات علمية وتكنولوجية هائلة، وإنما يتصف أيضا بتحولات جذرية فكرية وقيمية وأخلاقية وسلوكية خطرة تقارب الجنون" تحتاج الافكار فيه للدرس المتاني والرصين والقادر على التحليل والا فهي تحولات نزوية لا تمتلك ادوات بقائها طويلا

فمن الضروري الا تغرق هذه التحولات في النرجسية والمغالاة والابتذال الاخلاقي وتسخيف الاخرين وارائهم، وكانها الحقيقة الثابثة التي لا تقبل الجدال. ومن الضروري ايضا حفظ التوزان بين العقل والايمان. قالعقل يهبك الرشد والحكمة والبصيرة والايمان يهبك الصبر والسكينة ويخفف عليك ماسي الحياة. ام الادب فتكمن اهميته في ابقاء العلاقات الشخصية والاجتماعية مع مختلف الاطياف والتوجهات متينه ومفتوحة باتجاة العودة.