النَّظرة الشرعيَّة... هل لا زالَ من يرفضها؟
أغلب الجيل الذي نشأنا فيه، لم يحظَ بهذه الفرصة الذهبيَّة - رجلًا كان أو امرأة - وأغلب الظنّ أن المرَّة الأولى التي يرى فيها وجهَ عروسه ليلةَ الدّخلة، وكذلك الأمر بالنسبة لها، لم تر صورةَ الشابّ، ولم تعرف عنه شيئًا من قبل، إلا أن يكونا استرقَا نظرةً غير معتادة في ذلكَ الزمان!
لهذا استغربتُ كثيرًا عندما أخبرني صديقي الشابّ أن في النَّاس من لا يزال على العهدِ القديم، ولا يسمح بأن ينظر الشابّ لابنته، ولعل من يرفض هم قلَّة من المجتمع، إذا ما قيسوا بسنواتِ الماضي. ثلاث نتائج محتملة كلها جميلة يمكن أن تحصل بعد هذا اللقاء: كلاهما راغبان وهو الاحتمال الأكبر، والثَّاني أن يكون الزوج المحتمل غير راغب، والثَّالث أن تكون الزوجة المحتملة غير راغبة في الرجل، وكلها خيارات حضاريَّة وضعها الإسلام قبل عشراتِ القرون من الزمن، فكيف يزهد فيها أحدٌ في هذا الزمان؟!
كثيرًا ما أنصح أصدقائي الشباب الذين يبحثون عن زوجات أن يصروا على ذلك الحق، وأيضًا الشابَّات كذلك، فذلك اللقاء الأول وتلك النظرة قد يكون أهم للشابّة منها للشابّ. ماذا يضر لو تكلما في غيرِ الحرام ونظرَا إلى بعضهما البعض؟ هي فرصة لاستكشاف ما خلفَ ستار الوجه من فكرٍ ونظرة إلى المستقبل، وإذا كان اللقاء سوف يجعل الزَّواج أمتن وأقوى، فلم لا؟!
مهما حاولت، لن تعرف الفكر والعقل، إذًا المرجوّ أن يكون خلفَ صباحة الوجه، جمالًا في الدَّاخل ورجاحةً في العقل وزيادةً في دين. ثمَّ لماذا لقاء في دقيقة، تجلس فيه البنت في زواية والولد في أخرى دون سؤالٍ وجواب؟ كلنا نتفق أن لو أردنا أن نتخذ شريكًا في قطعةِ أرض أو دكانًّا، تفحصنا الشَّريك واستقصينَا - منه مباشرةً - نسبة نجاح الشراكة، كيف إذًا، نزهد في مقابلة شريك وشريكة العمر والحياة في حلوها ومرّها؟!
قصص الماضي، كان فيها حالات مضحكة ومبكية، حين يتفاجأ الرجل بأن وجه زوجته - في نظره - أقل جمالًا مما كان يرغب فيه، أو تهرب الزوجة عائدةً إلى بيتِ أهلها وهي تقول: انقذوني منه، ليس هذا الرجل الذي كان في خيالي، وقد تمتد بعض الزّيجات على كراهية لا ينهيها إلا الموت!