هل حقا أن حليب الأم لا يكفي لإرضاع طفلها؟
من المعروف أن حليب الأم هو أفضل حليب لطفلها، حيث يحتوي على جميع المواد الغذائية التي يحتاجها الطفل، فتناسب تكوينه، وتساعده على نمو عقله بسرعة هائلة خلال السنتين الأوليتين من العمر، كما أنه يحتوي على مواد تعزز مناعة الطفل وتحميه من الالتهابات وأمراض الحساسية.
ولمعرفة الأمهات بهذه الفوائد تقرر الكثير منهن أن ترضع ابنها رضاعة طبيعية، إلا أنهن يواجهن مشكلة - في أغلب الأحيان تكون ظاهرية وليست حقيقية - وهي اعتقادهن أن حليبهن لا يكفي، ولننظر لهذه المشكلة عن كثب.
يعتمد الطفل على المشيمة لتغذيته أثناء الحمل، كما يعتمد عليها في أخذ الأكسجين وإخراج ثاني أكسيد الكربون، وبعد الولادة يتحتم عليه أن ينسق بين البلع والنفس، وهذا أحد الأسباب التي من أجلها كانت كمية اللبأ قليلة، والسبب الآخر أن معدة الطفل صغيرة جداً بحجم الكرزة ولا يمكنها التمدد. ولكن كثير من الأمهات يعتقدن أن حليبهن ليس كافٍ ويحتجن إلى حليب صناعي. وفي الحقيقة أن إعطاء الطفل الحليب الصناعي في هذا الوقت يسبب الكثير من المشاكل، مثل خلط الحلمات عند الطفل وعدم تفريغ صدر الأم مما قد يسبب لها احتقان بالثدي.
والسبب الآخر الذي تعتقد الأم بسببه أن حليبها غير كافٍ، هو أن حليب الأم سريع الهضم، بينما الحليب الصناعي صعب الهضم، كما أن حليب الأم يحتوي على مواد تساعد على الاسترخاء والنوم بعمق وفعالية دون التأثير السيء على تنفس الطفل، بينما يحتوي الحليب الصناعي على مواد تجعل الطفل ينام بعمق لساعات، ولكنه من الممكن أن يؤثر في نفس الطفل ويسبب الموت المفاجيء عند الرضع. وعندما ترضع الأم وليدها رضاعة طبيعية يستيقظ الطفل بعد نصف ساعة من الرضاعة، بينما ينام الطفل الذي يتناول رضاعة صناعية مدة 3 إلى 4 ساعات فتظن الأم أن حليبها قليل.
ولا ننسى أن إنتاج حليب الأم خاضع لقانون العرض والطلب، بمعنى أنه كلما فرَّغ الطفل الثدي رزقه الله حليباً أكثر، ولكن بعض الأمهات تعطي طفلها الماء أو الينسون أو الحليب الصناعي خاصة في الليل بحجة أنه يساعد الطفل على النوم لعدة ساعات، فلا يفرغ الرضيع حليب الثدي، مما يؤدي لتقليل تصنيع الحليب، خاصة إذا علمنا أن هرمون الحليب يفرز في الليل تحت تأثير رضاعة الطفل، فإذا لم يرضع الطفل خاصة في الليل تقل كمية الحليب بشكل كبير.
إن بكاء الطفل واستيقاظه بسرعة بعد الرضاعة ليس دليلاً يعول عليه علمياً لتشخيص قلة حليب الأم.
هنا يتبادر للأذهان سؤال: كيف أعرف أن حليبي كافٍ للطفل الرضيع؟؟
وإجابة هذا السؤال تكون عند الأم، فإذا تبول الطفل خمس مرات أو أكثر ابتداءً من اليوم الخامس في العمر وتغير لون برازه تدريجياً من اللون الأسود إلى اللون الأخضر، ثم إلى اللون الأصفر في اليوم الخامس، وبدأ وزنه يزداد، فهو يحصل على ما يكفيه من الحليب.
فإن تقرر أن حليب الأم لا يكفي الطفل، أو حالت حالة الأم الصحية، أو مرض الطفل عند رضاعته من أمه، فالحل البديل التي تقترحه منظمة الصحة العالمية، ويحث عليه ديننا الحنيف هو الاسترضاع، وهو استبدال حليب الأم بحليب آدمي يعطي الطفل ما يحتاج إليه لينمو نمواً صحيحاً.
فان لم نجد من ترضع الطفل، أو لم يتفق الوالدين على الاسترضاع لأسباب اجتماعية أو دينية، حينها فقط يمكن إعطاء الطفل الحليب الصناعي.
أنا أتحدث هنا عن الأطفال الطبيعيين الذين لا يعانون من أمراض استقلابية تلزمهم أخذ نوع معين من الحليب، خال من بعض الأحماض الأمينية أو السكريات من أجل سلامتهم، وهؤلاء الأطفال يحتاجون للتنسيق بين أطبائهم واستشاري رضاعة لمعرفة الأفضل لهم.
ولنرجع إلى سؤالنا الأول: حليب صدري لا يكفي فماهو أفضل حليب صناعي؟؟
إذا تقرر أن الحل الوحيد لحالة الطفل أن يأخذ حليب صناعي، فأفضل حليب هو الحليب المتوافر باستمرار في أقرب صيدلية من المنزل، ويمكن للعائلة دفع ثمنه دون أن تتكلف عبء ذلك.