آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 6:47 م

عُلماء الدين ودورهم الريادي وفقد بعضهم خسارة لا تُعوض

جمال حسن المطوع

في فترة متقاربة من الزمن فقدنا كوكبة من عُلماء الدين الأجلاء والذين رحِمَهم الله تعالى قد تركوا بصماتْ نيرة وتاريخ مُشرق يعبق بِالتراث الضخم والآثار الواضحة التي خدمت وتخدم الدين حيث كانوا رأس حربة في  التصدي لِؤلئك المُتربصين والمشككين الذين يتصيدون في الماء العكر، فكان هؤلاء العلماء  الأفاضل قُدست أرواحهم الزكية لهم بالمرصاد بِقوة الدليل وصِدق البيان ورجاحة المنطق، فمؤلفاتهم القيمة وكُتبهم النفيسة تشهد بذلك ولكن مما يؤسف له أن جُهد بعضهم المُبارك والميمون لا يظهر على السطح إلا بعد أن يختارهم الله إلى جِواره.

يا تُرى أهو تقصيرُ مِنا في عدم الإطلاع والقِراءة والمُتابعة  كأفراد موالين أو هذا الشيء ناتج عن عدم قيام خُطباء المِنبر الحُسيني وفقهم الله في تسليط شُعلة مِن الضِياء على الرموز مِن عُلماء الطائفة إلا بعد انتقالهم إلى الرفيق الأعلى، هذه وجهة نظر لا ألزم أحداً بها وقد أكون مُخطِئاً.

دعونا نُعرج قليلاً على نمادج مِن عُلماء الدين الفطاحِلة الذين اثروا العلم الديني بحثا وتمحيصا من السلف والخلف ، فهم  سِلسِلة واحدة تُكمل بعضها بعضاً في التَصدي والمُنافحة في أن يبقى الدين شامخاً والمذهب راسخاً على أوتاد صَلبة لا يَهُمها كيدُ المُخالفين ولا الرِعاع و الجاهلين الحاقدين، ولو ركزنا الأضواء قليلاً على مَراجِعنا العِظام لوجدنا ذلك الدور الحيوي والهام الذي قاموا به في الحفاظ على المذهب وسط الزوابع والتشكيك من اعدائه ومحاربة اتباعه ماضيا وحاضرا فهم كُتلة واحدة في التصدي و الحُصن الحَصين على مدى الأيام والسنين، كُل مِنهما يُكمل الأخر في الثبات والولاء للرسالة المُحمدية وآل البيت النبوي الكريم، فَهم مِصداق لكل ذلك فقد كان آية الله العُظمى السيد محمد سعيد الحكيم قُدس سِره قد أصدق القول بالفِعل عِندما تصدى للطغاة بِكل قوته ولم يهاب الموت بل جابَه الظلمة في عُقر دارهم حتى وهو في الاعتقال الجائر جمع بين الصبر والتوجيه والإرشاد وما انفَكَ عن القِيام بِدوره الطليعي والمعرفي و الشرعي والإنساني، ولم تأخذه في الحق لومُة لائم بل كان يصدع ويجابه بكل ما أوتي من عزم وقوة وإرادة، وهكذا بقية مراجِعنا الكِرام على هذا المنوال والسيرة الحَسنة والطيبة.

وهاهو آية الله السيد السِيستاني مرجع الطائفة حفظه الله وأطال في عُمره الشريف يُكمل المسيرة بِعزم وثبات وبصيرة العارف بِبواطن الأمور فهو صمام أمان للعراق ومظلة تستظل بها الطائفة من أقصاها الى أقصاها في السير على توجيهه ونهجه فهو الينبوع الذي يتدفق برداً وسلاماً على مُقلديه وتابعيه....وفضائله واضحة وضوح  الشمس في رابعة النهار على الشعب العراقي بجميع أطيافه ومكوناته من غير تمييز أو تحيز وقد سار على هذا النهج  بقية المراجِع الكِرام، كُل منهم يحمل زاوية فيها الهُدى والنور والرشاد.

هكذا هم مراجِعنا الكِرام، رحم الله الماضين وحفظ الله الباقين، علامات فريدة وحياة مُشَرِفة في دُنيا الإسلام والمُسلمين، هَمَهم وِحدة الصَف والترابط والتألف مابين جميع الطوائف الإسلامية المتعددة، فهم دُعاة من غير ضجيج ولا زعيق وإنما مُلئت قلوبهم عشقُ رباني وولاء نبوي ومِنهاج علوي تسوده الرحمة والتسامح والمحبة والاعتدال في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وهداية عباده بكل معنى الكلمة والحقيقة الراسخة في هذا الوجود حتى يرث الله الأرض ومن عليها.