آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

عاشوراء الحسين

يوسف حسن الغنام

إن في مثل هذه الذكرى السنوية ذكرى أيام أبي عبدالله الحسين يقف المؤمن بين حالتين:

* الحالة الأولى: حالة الحزن والألم والأسى، حالة المثكول لما جرى على أبي الأحرار ، حالة المواساة لأهل بيت العترة سلام الله عليهم والمواساة لعموم المؤمنين والموالين.

* الحالة الثانية: حالة التهنئة والفخر للتوفيق لإحياء هذه الذكرى المفجعة والأليمة حيث أن هذا الإحياء مصداقاً لما أوصت به أئمتنا ومما وَرَدَ في هذا قول الإمام الصادق «أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا».

فالإمام الحسين قد أعلن أجندته حينما أراد الخروج من المدينة متوجهاً إلى مكة سنة 60 للهجرة فقال «لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جديّ». وبعد وصوله إلى أرض كربلاء بأهل بيته وأصحابه الذين بلغ عددهم اثنين وثمانين وفي المقابل بلغ جيش يزيد بن معاوية أربعة آلاف مقاتل. أسفرت المعركة التي وقعت بين الطرفين والتي استمرت لثلاثة أيام باستشهاد الإمام الحسين ورجاله ولم يبقى منهم إلا المريض العليل الإمام علي بن الحسين وسُبيت النساء.

وبهذا انتهت المعركة الحربية وبدأت معركة من نوع آخر هي المعركة الإعلامية التي كانت بطلتها السيدة زينب سلام الله عليها لِتُبيِّن للناس أن الحسين قتل بسيوف بني أمية ظلماً وجوراً. وذلك حينما وقفت خطيبةً في المسجد الأموي بدمشق حينما سألها الطاغية يزيد بن معاوية كيف رأيت صنع الله في أخيك الحسين؟ فقالت: ما رأيت إلا جميلاً. ومما قالته أيضاً: «فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولاتدرك أمدنا». فذكرى الحسين لاتزال مدوِّية، وثورته ضد الظلم والطغيان ملهمة لأصحاب المبادئ والقيم، وبهذا يكون الدم قد انتصر على السيف. فأصبحت عبارة «يا لثارات الحسين» مرتكزاً ثقافياً في حياة الشيعة الإمامية، فإقامة المآتم لذكرى أبي الأحرار ماهي إلا مواصلةً لأجندته ورفضه للظلم والطغيان وأيضاً رافداً من روافد الحملة الإعلامية التي بدأتها السيدة زينب وسيحمل الشيعة على عواتقهم مواصلة هذه الحملة إلى يوم القيامة ولن يوقفهم شيء. ففي هذه الظروف الراهنة التي يعيشها المجتمع من تفشي جائحة كورونا ومع التدابير والإجراءات الاحترازية التي أتخذت للحد من انتشار هذا الفايروس ومنها: تحديد أعداد مُرْتادي المجالس الحسينية. لم يقف محبي وعاشقي الإمام الحسين مكتوفي الأيدي فنرى هذا المحب يحضر مبكراً قبل الوقت المحدد لبدأ المأتم ويقف في طابور طويل وينتظر لساعات حتى يحظى برقم يُمكنه من الدخول للحسينية، ونرى ذلك المحب يتسابق مع الزمن على المنصات الإلكترونية ليحجز له مقعداً في هذه الحسينية أو تلك، وقد يجتمع صحبة من الأصدقاء ويعقدون لهم مجلس حسيني في بيت أحدهم أو استراحته، وقد تُقرِر أسرة بأن تخفف الضغط على حسينيات البلد وتعقد لها مجلس حسيني خاص في بيتها، وحال هؤلاء كلهم يرددون العهد الأبدي لكل شيعي «أبد والله يازهراء ماننسى حسيناه».