آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

صفيح ساخن

سوزان آل حمود *

الحياة واسعة ورحبة، والأرزاق وفيرة، والخيرات مقبلة، وكل يوم أنت في حب وحفظ ورحمة، تغمرك النعم، صحة البدن، سلامة الأهل، لطف الأصدقاء، أيام متجددة هادئة ومسالمة تمر مُرورًا رقيقًا على قلبك، تقرأ، تستمع، تنام، تأكل، تُمارس ما تحب، أيام حنونة لا تنتزع أمان قلبك.

أكتشف نفسكَ ثم أكتشف نفسكَ مجدداً، لا تسبح في نفسِ المستنقع، وأبتعد عن القوى التي تجركَ لكي تكونَ عادياً، غير نبرتكَ ومظهركَ باعتياد، بحيث لن يكون باستطاعةِ أحدٍ تصنيفك كل الغباء أن تقضي حياتك في تَتَبُّع إرضاء فلان وفلان، افعل الصواب، وليرضى من يرضى وليغضب من يغضب.

ولا تحرص على اكتشاف الآخرين أكثر من اللازم، الأفضل أن تكتفي بالخير الذي يظهرونه في وجهك دائمًا وأترك الخفايا لرب العبّاد.

بعض الأشياء ستكون لك لأنك محظوظ، وبعضها ستكون لك لأنك سعيت إليها. إلا ما أردته بشدة لن يكون لك ولن تعرف لمَ تخسره دائمًا.

نصيحتي لك: عندما تركب القطار الخطأ حاول النزول في أول محطة فكلما زادت المسافة زادت تكلفة العودة.

يصبح المجتمع على صفيح ساخن، عندما يعايش أنصاف الحلول والمسكنات المرحلية على أمل أن تتحسن الأمور بشكل تلقائي دونما وجود استراتيجيات أو رؤية واضحة، أكتب، لا أحد يمنعك من أن تجرّب، لا أحد يملك حقّ أن يفرض عليك كيف ترتب البعثرة في صدرك، لا أحد يقدر على مساعدتك طالما أنك لا تساعد نفسك.

أكتب، من خذلك يصير بوابة العبور إلى إحساس قلبك، من جرحك تتعافى من خيبته بمواساة حزنك، من سخر منك تنتقم منه بالكتابة عن شخص متخيل يدعمك.

راقب أصابعك تتحدث بالنيابة عن لسانك، كلامك لا يقبل أن تعدل عليه بينما تثرثر، حرفك خيار إضافي لتقول إن لديك جانبًا رُوحِيًّا يظهر بوحك، وكأنه لن يهتم لأمرك غيرك.

وإن كنت تهتم بما سيقوله الآخرون عنك فتأكد أنك لن تفعل شيئًا إلا بعد أن تأخذ موافقتهم، ولا تكتب، ولا تكذب، أصمت.

فإذا استطعت أن تحافظ على رباطة جأشك بينما يفقد جميع من حولك صوابهم وينحون عليك باللائمة.

إذا آمنت بنفسك عندما يفقد الآخرون كل ثقة فيك وتراعي شكوكهم في ذات الوقت.

إذا استطعت أن تنتظر ولا تسأم الانتظار أو تكون محل اتهام، بينما ترفض المتاجرة بالأكاذيب أو موضع كراهية، دون أن تدع الحقد يَنْسَلّ إلى قلبك ولا تبدو أفضل مِمَّا ينبغي، أو تنطق بحكمة أكثر مِمَّا يجب.

إذا استطعت أن تحلم من غير أن تستحيل عبدًا لأحلامك.

إذا أمكنك التفكير ولم تجعل الأفكار غاية قصوى.

إذا استطعت أن تحتفل بالنصر وترضى بالهزيمة وتعامل هذين المخادعين على نفس القدر من المساواة، إذا استطعت أن تخاطب الجمهور من غير أن تتخلى عن فضائلك وأن تسير في ركاب الملوك ولا تفقد روح الانسجام مع العامة.

إذا عجز الخصوم وَالرُّفَقَاء المحبون عن اَلتَّسَبُّب في أَذِيَّتك.

إذا كنت تولي اهتمامًا لكافة الناس، دون أن ينفرد أي منهم بمنزلة خاصة.

إذا استطعت أن تملأ دقيقة حانقة لا تعرف غفرانًا لأحد بما يعادل ستين ثانية من السعي جريًا صوب أهدافك، فلك الأرض وما عليها.

فلا تجعل من لحظات الإخفاق خنجراً في مسيرة حياتك! حوّل كل العثرات، والتجارب إلى عزيمة، وقوة.

وستغدو فوق ذلك كله إنسانا..

الناجحون يصنعون من الفشل كشافاً لنقاط ضعفهم، فلا يخجلون منه، ولا يفقدون الأمل مهما تكرر في حياتهم ”فالمبهورون مميزون بعطائهم يعطون الحب بطريقة أجمل يعطون التقدير بطريق أعمق يساعدون الآخرين دون تمنن“ قال رسول الله ﷺ: «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسَدّ فاقتُه، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشِكُ الله له برزق عاجل أو آجل».

وإنزالها بالله: إن توقن وتظن أن الله تعالى يُفْرِج عنك ويزيلها.

ختامًا أستحي أن أذبل والله في قلبي والله أقرب إليّ من حبل الوريد والله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وكدتُ أنسى أنه لا يكلفني فوق طاقتي.