آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:55 م

الحسين رسالة إصلاح..

علي ناصر الصايغ

الحسين رسالة إصلاح في ضمير كل مصلح ومنهج حياة في وجدان كل واعي..

ستبقى راية الحسين عالية تُرفرف شامخة تلفُ كُلَّ أرض، تُحيي الضمائر المُنكسرة بأريج كربلاء، وتُسقي القلوب الموجوعة بالتجمل بالصبر وحباً للخير ونصراً للحق لتحقيق عدالة السماء في توعية الأعداء وهدايتهم وألقاء الحجة عليهم، لتُعطي الإنسانية دروس رفيعة في قيم الدين ومبادئ الإسلام في الأخلاق العظيمة التي تمثلت في رسول الله ﷺ وأهل بيته والمعاملة الراقية التي أسس لها رسول الإنسانية وجسدها الأئمة من بعده وتمثلت في سيد الشهداء الإمام الحسين في يوم عاشوراء بأجمل صورها مع أعداءه وقاتليه، كانت الأخلاق هي المحور الأساس في تعامله، عندما جَسَّدَ في نهضته المباركة المفاهيم والقيم الأخلاقية الصالحة، وضرب للبشرية وأهل بيته وأصحابه أروع الأمثلة في درجات التكامل الخُلقي.

كلمات كُتبت على تراب الطف حبرها دمٌ من الوريد، كلمات أخجلت الشمس وأبكت السماء، كلمات لا يزال صداها يتردد في الكون كله ولا يزال أثرها باقٍ في كل ضمير حي وكل وجدان صادق.

مواقف عظيمة أذهلت كل من تتبع النهضة الحسينية، وتحولت إلى دروس وعِبر وقف عندها الواعون يتأملون ما صنعه الإمام الحسين مع جيش بني أمية عندما حاصروه وهم عطاشا فسقاهم الماء وسقى خيولهم، حتى سقى بعضهم بيده المباركة ”فقد جسّد الإمام الحسين وأصحابه أروع ملاحم الإنسانية والرحمة والعطف، ففي طريقه إلى كربلاء التقى بأحد ألوية جيش ابن زياد وكان ألف مقاتل مع خيولهم وكانوا عطاشى، فأمر أتباعه بسقي الجيش، وقال لهم:“ اسقوا القوم وارووهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفاً"، بينما كيف تعامل هؤلاء معه ومع أهل بيته.

كان تعاملهم مختلفاً تماماً مجرد من كل مشاعر الإنسانية وليس فيه ذرة من الرحمة، فقد حاصروه وقطعوا عليه كل طرق التواصل وشلوا حركته ومنعوا عنه وعن رجاله ونسائه وأطفاله الماء وأستخدموا معه كل السبل من أجل أخضاعه وأذلاله، وضعوه بين خياران أما أن يستسلم ويبايع أو يُقتل ومن معه من الرجال وتُسبى النساء والأطفال، وهذا ما حدَّث به جده رسول الله ﷺ وما أخبر عنه كان يعلم كل تفاصيل حركته وثورته، عن ما سيجري عليه وعلى من معه من الرجال والنساء والأطفال.. فلا تزال الإنسانية تبحر في تفاصيل نهضة الإمام الحسين وتدرس البعد الإنساني والديني والأخلاقي لقيامها لتنهل من عذب معينها لتكون دستور حق ومنهج حياة.

وستبقى ذكرى عاشوراء محطة تستلهم منها البشرية كل معاني الإيثار والتضحية، وسيبقى الحسين في ضمير كل واعي ووجدان كل منصف، فالحسين بسملة سلام للعالم كله، ورسالة محبة للوجود كله، وأشراقة أمل لكل السائرين في طريق التغيير، وقنديل تفاؤل لكل من رفع راية السلام في طريق الأصلاح والعدالة والحرية..