آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 9:31 م

ادفع بالتي هيَ أحسن

موسى الخضراوي

لماذا يلجأ البعض لإثبات دعواه، أو نظريته مع من يختلف معه بالصراخ، والإساءة، والتجريح، والتسقيط!؟. وكأن الحق لا يكون إلا بالإكراه، والقسوة المفرطة على الناس.

هذه الأساليب القاسية والاندفاعية عديمة الأثر، ومنزوعة الفائدة، وعواقبها الوخيمة أسوأ مما يحسبه أربابها بكثير، ولا تنسجم مع أخلاق القرآن وتعاليمه إطلاقا.

هناك من يأنس بالتجاسر، والتطاول، والطعن في الآخرين لمجرد زلة لسان، أو اختلاف تشخيص، أو اختلاف في القراءة التاريخية.

إن الحقيقة لا تحتاج سوى لبيان واضح ودقيق وعلمي بهدوء في الطرح، ورقي في الأسلوب.

ينبغي علينا أن نزيل الجهل أو الاشتباه عن بصيرة الآخرين - إن وجد - بالعلم، والحلم، والموضوعية بعيدا عن الشخصنة أو التعدّي؛ لأن ذلك يفسد العمل ويخرجه من دائرة العمل الصالح إلى غير الصالح إجمالا وتفصيلا.

من المؤكد؛ إن الغرض من بيان الحقيقة للآخر هو هدايته للصراط المستقيم؛ ولن يتحقق ذلك إلا باللين والخلق الحسن.

إن اتباع المنهج القرآني في هذه الجوانب والمعالجات واجب بكل المقاييس «ادفع بالتي هي أحسن». فلماذا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض؟!.

دافعوا عن أفكاركم، ونظرياتكم، وبيّنوا للناس الحقيقة التي ترغبون في إظهارها؛ ولكن وفق منهج القرآن وأخلاق محمد وآل محمد، وفي حدود نقاط الاختلاف وحيثياته فحسب؛ دون تضخيم الأمور، أو تشتيتها، أو شخصنتها، وفي المكان والزمان المناسبين، وبعيدا عن الذين يجدون ضالتهم عند الاختلافات ليشعلوا فتيل الفتنة في المجتمعات؛ ليكون العمل خالصا لوجه الله تعالى.

احملوا الآخرين الذين تختلفون معهم على حسن الظن؛ فما يدريكم بجواهر القلوب!؟، فلعل المشتبِه أسمى عند الله وفي قوانين السماءِ من مظهر الحقيقة.

لا يحتاج من تعلق بالله وبمحمد وآل محمد إلى توجيه، أو لفت نظر تجاه واجباته في تجنب جرح مشاعر الناس أو التعدي عليهم؛ مهما بلغ الاختلاف، فكيف بالإساءة والتجريح!؟.

لذلك؛ فالرسول الأعظم ﷺ، وأوصياؤه، وجميع الأنبياء والمرسلين؛ كانوا يدفعون السيئة بالحسنة، ويحملون الآخر على الخير، ويظهرون الحق بالعلم، والحلم، والموضوعية، والسلمية، والأدلة المنطقية؛ فهل نحن مقتدون بهم في ذلك؟!، لستُ أدري.

قال تعالى: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين ، فهل نحن منتبهون؟!.