وماتت منقذة الكتب
ألهمت هذه المرأة عددا من الكتاب منهم كاتبة بصحيفة نيويورك تايمز «شايلا دِوان» حيث كتبت مقالا حولها، بعدها تم تأليف أكثر من كتاب يتحدث عن قصتها، منها كتاب خاص بالأطفال يتضمن رسومات «أمينة مكتبة البصرة: قصة حقيقية من العراق» للكاتبة الأمريكية جانيت وينتر، وكتاب آخر للرسام الأمريكي «مارك آلان ستامتي» بعنوان «مهمة السيدة عالية» على شكل رسومات، وقد ترجم الكتابان إلى العربية وغيرها من اللغات.
وتتلخص قصة هذه المرأة «عالية محمد باقر» في أنها عندما كانت أمينة لمكتبة البصرة واندلعت حرب العراق عام 2003 ودخلت قوات الحلفاء البصرة تخوفت من احتمال سرقة المكتبة أو احتراقها. فما كان منها إلا أن طلبت من محافظ البصرة نقل الكتب إلى مكان آمن فرفض طلبها، فبادرت مع متطوعين إلى نقل الكتب إلى بيتها في سرية تامة بعد نقلها إلى مطعم مجاور عبر الجدار الفاصل بين المكتبة والمطعم، في عمل دؤوب استمر عشرة أيام. وعندما انتهت الحرب وعاد الأمن إلى البصرة قامت بإرجاع الكتب إلى المكتبة، وهكذا تمكنت من إنقاذ نحو 30 ألفا منها. وقد كتبت مقالا عنها قبل مدة «وصرخت الكتب: لم تحرقوني».
وجاءت مبادرة عالية نتيجة حبها وشغفها الشخصي بالكتب وليس لكونها أمينة المكتبة، حيث إنه ومع بداية الحرب ترك كثير من موظفي الدولة وظائفهم طلبا للنجاة. لكن هذه المرأة غامرت بوظيفتها وتحملت وضع هذه الأعداد الكبيرة من الكتب في بيتها فقط لأنها كانت محبة للكتب. وقد استغلت عالية - رحمها الله - كل موقع في منزلها لتخزين الكتب بما فيها ثلاجة قديمة وحتى نوافذ المنزل سدتها بمجموعة منها.
وكانت هذه المرأة العظيمة تخطط لإنشاء مكتبة خاصة بتراث مدينة البصرة لكنها أصيبت بكورونا وعاجلها الموت «الجمعة 13 أغسطس 2021» بسبب مضاعفات المرض حيث نعتها الأوساط الثقافية العراقية.
ونقل عن مقربين منها أنها وبعد تعرض مكتبة البصرة للقصف ثم احتراقها وقفت أمام المبنى باكية بحرقة حتى سقطت مغشيا عليها بعدما أصيبت بأزمة قلبية رغم أنها استطاعت إنقاذ نحو 70 في المائة من الكتب وهو ما سمح به الوقت قبل احتراقها. وعندما تماثلت للشفاء قامت بنقل الكتب المتبقية في المطعم إلى منزلها. وبحرقة قالت عالية عن الكتاب الذي ألف عنها «الكتاب الذي تم تأليفه عني انتشر في دول العالم ما عدا العراق للأسف الشديد، وهو يدرّس كما عرفت في مدارسهم هناك كموضوع عن التضحية والإيثار».