الْحُسَيْن (ع) حياة
يتمتع الإنسان بقيمة عُليا ومكانة مُثلى عند الله سبحانه وتعالى، فقد أحسن خلقه، وأبدع صورته: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ وسخّر له ما في هذا الكون ليعيش في محيط آمن ومناسب وأرسل إليه الرسل بالبينات والشرائع؛ ليزكّيه ويعلّمه الحكمة، ويرفعه من حضيض الجهل إلى عزّ العلم، وشرف السؤدد: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ...﴾
قال رسول الله الأكرم ﷺ: «إنّي مُخلّفُ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا وإنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
وقال رسول الله ﷺ: الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ سَيِّدًا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّة وَلَدَايَ مَنْ وَالاهُمْ فَقَدْ وَالانِي وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَانِي وَ مَنْ نَاوَأَهُمْ فَقَدْ نَاوَانِي وَ مَنْ جَفَاهُمْ فَقَدْ جَفَانِي.
إنّ الإمام المعصوم هو مُبَيِّن القرآن الكريم واقعا ومُنطبِقا، ذلك أَنَّ القرآن الكريم الذي بين أيدينا هو ألفاظ إلهيّة التنزيل الغرضُ منها بسط معاني وقيم الله تعالى في نظامه العَقدي والتشريعي للبشرية كافة.
وثورة الإمام أبي عبد الله بن عليّ - عليهما السلام - مدرسة إنسانية إلهيّة ذات معالم وشعائر تتجدد عبر العصور والأجيال، فإنّ فيها دروساً قيّمة ومفاهيم سامية ومعارف راقية، كل واحد ينظر فيها ويتطلّع إليها من زاويته الخاصة وثقافته واختصاصه، إنها تجسيد للقرآن ومعانيه ومفاهيمه ومعارفه الربانيّة التي لا تبلى ولا تخلق، فإنّ الحسين هو القرآن النطاق وثورته منطق القرآن الصامت.
فقد رسم الإمام الحسين لأهل بيته وأصحابه مكارم الأخلاق، ومحاسن الصفات، وأمرهم بِالتَّحَلِّي بها ليكونوا قُدوة لغيرهم.
ومن اللقطات الجميلة التي تُعدّ آية من آيات الحبّ الحسيني قتال الشهيد البطل عابس بن شبيب الشاكري حتى أصبحت مقولته المشهورة «حبّ الحسين أجنّني رمزاً لعشّاق أهل البيت ، الإمام الحسين سيد المحبّين: الأئمة الأطهار كجدّهم المختار أسوة لنا في كل شيء، نهتدي بهداهم ونسير على خطاهم ونستنير بأنوارهم القدسية، فهم القدوة في كل المكارم والفضائل، وهم الأسوة في فضيلة حبّ الله، ومولانا الحسين إمام عشّاق الله سبحانه.
قال الإمام الباقر : ”إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك، فإن كان يحبّ أهل طاعةٍ الله عزّ وجلّ، ويبغض أهل معصيته فإنّ فيك خيراً، وإن كان يجبّ أهل معصية الله ويبغض أهل طاعته فليس فيك خير، والله يبغضك والمرء مع من أحب“.
إن قضية الإمام الحسين قضية إلهية انبثقت من الواقع وتعامل معها الرسول ﷺ والإمام علي قبل وقوعها بكونها ذات قيمة إنسانية وعطاء منفرد النظير، يعيد للأمة جانبا من رشدها المضاع وتفكيرها المسلوب، ولذا كان النبي ﷺ يخاطبه بقوله: «مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السموات والأرضين»
ومن الخصائص التي تميزت بها قضية الإمام الحسين أنها زرعت الوعي الفكري وأحيت الوجدان والضمير الإنساني، فأصبحت مدرسة تتعلم منها الأجيال معنى البطولة والتضحية من أجل المبادئ والعقائد. وكسرت حاجز الخوف الذي أصاب الأمة مما جعلها حائرة مترددة أمام طغيان الجبابرة وحكام الجور.
لقد شاء الله أن يُخلد الإمام الحُسين بن علي وثورته التصحيحية بمختلف الوسائل والأساليب وقيض لهذا الأمر من عباده، يقومون به طواعية وبلا مقابل مهما كبدهم ذلك من خسائر وضحايا مادية ومعنوية، وهو كما يبدو، وعد موعود وعهد معهود قبل بداية الحركة الحُسينية على أرض الوجود.
مع الحسين كل هزيمة انتصار وبدون الحسين كل انتصار هزيمة، مهما قلنا عن الحسين، ومهما كتبنا عنه، فلن نتجاوز فيه ما قاله رسول الله: «مكتوب على ساق العرش: إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة».
فكلما حاولت أن أعبر عن الحسين بالكلمات، وجدت أن الكلمة عاجزة عن التعبير عن نفسها فيه..
قلت عنه إنه الحق.. قلت إنه الكوثر.. وقلت إنه الفضيلة... فوجدته أكثر من ذلك!
فرجوت الله تعالى أن يلهمني كلمة يعبر عن حقيقة الحسين، فألهمني أن أقول إن الحسين حياة وكفى!