آخر تحديث: 13 / 5 / 2024م - 11:02 م

ورحل المحبوب الكريم

يوسف أحمد الحسن *

أكثر ما كان يشدني لشخصية المرحوم حسن الحبابي هو حسن استقباله لزواره وضيوفه مهما كانت ظروفه وحاله. فهذا الرجل الثمانيني تجمعت فيه من الخصال ما يندر أن تجتمع في شخص واحد. فهو الكريم الذي لا يغلق باب بيته أمام أحد، وكان عندما يغيب عنه أحد فإنه يبادر بالسؤال عنه ودعوته. وظل على الدوام يفتح منزله رحمه الله في كثير من ليالي شهر رمضان للإفطار بحضور العديد من شخصيات وعلماء المنطقة.

ولم يكن «أبوعبدالمنعم» يكتف بالضيافة المعروفة طوال أيام السنة من أطيب أنواع الطعام والشراب، بل كان يستقبل ضيوفه بالبشاشة وطلاقة الوجه والحديث الجميل المفيد، وكأنه يقول:

أحدّثه إن الحديث من القرى - وتعلم نفسي أنه سوف يهجع

أو كأنه يقول:

وإني لطلق الوجه للمبتغي القِرى - وإن فنائي للقرى لرحيب

أضاحك ضيفي عند إنزال رحله - فيخصب عندي والمحل جديب

وما الخِصب للأضياف أن يكثر القِرى - ولكنما وجهُ الكريم خصيب

وما يثير إعجابي في الرجل أنك تشعر معه أنك تجالس رجلا من الجيل الأول الذي تجتمع فيه صفات العرب الأوائل من الشجاعة والشهامة والكرم وحسن الضيافة والمعرفة بالأدب والحديث الجميل الذي لا يمل. ولا يمكن أن تخرج من منزله دون أن تستفيد منه قصة أو طرفة أو حدثا تاريخيا أو حتى بيت شعر.

كان آخر عهدي به في رمضان الماضي حيث زرته بعد الإفطار مع صديقي الأستاذ أمير بوخمسين رغم حرصه على أن يكون الإفطار عنده. وقد تداولنا معه في اللقاء بعض الأحاديث الخفيفة مكررا طلبه أن تكون زيارتنا التالية على إفطار رمضاني أو وجبة أخرى.

ورغم أن مجلسه «رحمه الله» لم يكن يخلو من الرواد على مدار أيام الأسبوع، إلا أنه كان يعقد مجلسا أسبوعيا للأدب والثقافة والفكر ليلة الخميس يدعو إليه أبرز الشخصيات والشعراء والأدباء والمهتمين بالشأن العام، كما كان يحرص على حضور المناسبات العامة كالزواجات والفواتح والمشاركة في العديد من المطالبات الاجتماعية فيما يخص مدينة العمران وغيرها.

تغمد الله فقيدنا الكبير أبو عبدالمنعم بواسع رحمته وأسكنه الفسيح من جنته وألهم أهله وذويه وعائلة آل حبابي الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.