آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 2:42 م

تَأَمّْلَاتٌ خُمَاسِيَّةٌ فِي الحُبِّ «2»

عبد الله أمان

1. سَأَلنِي، ذَات مَرة، أَحَد الزمَلاء المُتزوجِ توًا: هَل نُُسُق المُدَاوَلة اليَومِية مَع ”مَن نُحِب“ يَحتَاج إلى مُعَامَلةٍ ”انتقائِيةٍ“ مُتأَنِيةٍ خَاصةٍ؛ لتَحرِيك أَلوَاح مَجَادِيف القَارِب الأَنِيق؛ وتَوجِيه دِفَاف دَوام السعادَة الغَامِرة - بين ظَهرَانِينا - برَشاقَة ولِياقَة - في جَوانِح قَارِبِها الأَنِيق؛ للوصُول ”الطامِح الطامِع“ إِلى أَقصَى مَراسِي مَحَطات ضِفاف الشاطِئ البَعيدَة الآمِنَة؟ فأَجَبتُه باختِصَار مْقتَضَب: نَعَم، هُو كَذلك! ثُم استَطرَدت مُتفَائلًا مُنشَرِحًا: نعم، إنَّ الحُبَّ الذي يَنعَم في ظِلِّه الظلِيل قَلبا الزوجَبن المُتحَابَين، يَستحِق ذُلك الاهتِمَام؛ ويَستأْهِل جُل الانضِمَام إلى نَفرَة حَراك التَّجدِيف المُتَسارِعَة الرشِيقَة، بأَيدٍ مُتكاتِفَة، وقْلوبٍ مُتآلِفَة؛ ”ليَتظافَر ويَتكاثَر“ نِتاج الجُهود المَأمُولة؛ و”يَتآزَر ويَتناصَر“ رَيع المَساعِي المَحمُودَة؛ لِتوثِيق وتَحقِيق هَدفٍ ”واضِحٍ صَادِح“ مُشتركٍ؛ والبُلُوغ الناجِح الناجِع إلى مُنحدَرات ومُنعَطفَات طَريق ”هَادِئَة هَادِيَة“ مُثلى، مُنذ بِدايةِ مِشوَار الحَياة الزوجِية المُبهِج، بمَنأَى ومَعزَلٍ، دُون انتِهَاج وارتِيَاد مَسارَات دُرُوبِ جَادة وَعِرَة… تَتعَثر فَوق سُطُوحِها المُتعَرِّجَة العَسِرَة زَهو المَسِير المُتئِد؛ وتَتقَزَّم في جَوانِبها الخَطِرة خُطُوات القَوافِل الحُبلى؛ عِندئذٍ لَا حَاجَة لِأَن تَؤُوب وتَنتَهِي أُهَبُ استِعدَاد مِشوَار الزوجَين المُتآلفَين - مِنذ بدَايَة المَسِيرَة الزوجِيَة المُظَفَّرَة - إِلى مَا لَا يُحمَدُ عُقبَاه، في ”طُول وعَرض“ حَلقات سِلسِلة مُتآكِلة صَدِأَة مّشحُونَة بالتوَتر؛ ومَوصُوفَة بالتذَمر؛ ومَطرُوقَة بعَدم استقامَة دَرب الانسِجام؛ ومَعرُوفَة باضطِراب ظاهِر مُضاد لنَبضِ ”عَقارِب“ سَاعة الوِئام؛ لَتصِل مَركَبَة الزوجَين ”المُتآنِسين“ كِلاهُما، تِباعًا - إِلى مُنعطَف نِهايِة الطرِيق المُقَدَّر المَحتُوم - ليُواجِه الإثنان مَعًا، مَصِيرَ عُقر مَحَطات النُّفُور؛ وتَؤوبُ شُقَّة مِشوَارهُما النافِذة ابتِداءً، إِلى صُعُود حَوَاف عّتَباتِ الثُبُورِ؛ وتَنتَهِي خِتامُا، وَطأَة خُطاهُما المُتثَاقِلة إلى شَدِيد ”عَناءِ وشقاء“ تَسلُّقِ عَوارِض سَلالِم الشُّرُور!

2. ومِمَّا أتذكِّره بأَريحِيةٍ، واستَظهِره بصَفاء في ثَنايا ذَاكرتي النابِضَة، عِندمَا كُنت أُدَرِّس مَادَة ”اللغة الإِِنجليزية“ بمدرَسة ”حِرَاء الابتِدائية“، بمَدينة الجُبيل الصناعِية الزاهِرة، قَبل قَرابَة عِقدَين، ”لثلاثَة أشِقاء“ في فُصُول دِراسِية مُختلِفَة؛ واللاَّفتُ في الأَمرِ، إِنَّهم كَانوا مُتفوقِين دِرَاسِيًا، ويَمتازُون بالذكَاء البَارِز، والنبَاهَة البادِيَة، والقَسَامَة الظاهِرة، والأَدَبِ الجَم… وفي الوقتِ نَفسِه شَدَّ انتِباهِي وسَامَة وثَقافَة الأَب؛ وحِرصَه الشدِيد على مُتابَعة المُستَوى التعلِيمِي والتحصِيلِي لأَبنائِه النُّجَباء، أولًا بأوَّلٍ؛ وهُو يَعملُ نَائِب رَئيس إحدَى شَركات ”سَابك“. حَدَث ذَات مَرة أَنْ رَتَّب ونَظَّم ”كُورسًا“ تَثقِيفِيًا تَنشِيطِيًا تَكرِيميًا لِطاقَم هَيئة التدرِيس، بالتنسِيق مَع إِدارَة المَدرسَة؛ فَأعَدَّ العُدَّة، واختَار مَكَانًا مُناسِبُا للاجتِماع بمَكتَبة المدرَسة؛ ليَسع الجَميع؛ ثم بَدأَ بَرنامَج الدورَة المِتسَلسِل القَصِير؛ وفي نِهايتِه، كَشف عَن تَلٍ مِن الهَدايا، نَال مِنها كل مُعلم نَصِيبه؛ ثُم اختَتَمَ الدورَة القَصِيرة بكَلِمتة الفَاخِرة الجَاذِبة، التي اشرَأَبَّت لَهَا الأَعنَاق؛ وطَرِبَت لَها الآذَان، شَكَر فِيها إِدَارة المدرَسة المِضيَاف؛ وأَثنَى على كَفاءَة جُهودِ فَريق هَيئة التدرِيس النشِط، في تَقدِيم أَنجَع الخَدَمَات التربوية المُطوَّرَة المُمَيزَة إِلى عُقول طلابهم؛ ثُم تَحَدَّث بأَريَحِية ذَاتية؛ وأَدلَى بشَفَافِية فَائقَة، وأَفَاد: سَأَلنِي ذات مَرة أحَد الزمَلاء في الشرِكَة: هَلَّا أخبرتَني عَن سِرِ نَجاحَاتِك الباهِرة، ومُثابَراتِك الرائِعة، وخَاصة تَفوُّق أبنائِك الدراسِي، ومُستَوى ذَكائهم المُمَيز، وأَدَبهم الجَم…؟ ثم استطرَد بالإِجَابة المُفَصَّلَة وأفَاد، بثِقَةٍ ورَوِيةٍ، بَعد صَمتٍ مُتأَمِّلٍ مُتفائِلٍ، عَمَّ قَاعَة المَكتَبة: بحَمدِ الله وتَوفِيقِه، اتفَقت أَنا والزوجَة مُنذ لَيلة الدُّخلة؛ ورَسَمنا بَرنامَجًا وخَارِطَة طَريق، بانتِهاج المِثالِية القَائدَة؛ واتبَاع القُدوَة الحَسَنة، في تَربِية الأَبنَاء المُنتَظرِين، بمشِيئة الله تَعالى، وتَنشِئَتِهم، التنشِئَة الصالِحَة المُثلى مُستَقبَلًا… ”بنَشر ونَثر“ مُعطَيات الحُبِّ؛ وإِرسَاء رَوابِط المَودَّة بَيننا، في كَنَف ”زَرع وغَرس“ نَواة الأُسرَة المَشِيدة؛ وبَثِ أَركَان الرحمَة الوطِيدَة؛ وتَأسِيس جَنباتِ السكِينَة المَكِينَة؛ واحتِرام تَماسُك المُناخ الأُسّرِي الدافِئ، جُملَةً وتَفصِيلًا؛ وعَدم التَّوبِيخ والصُّراخ في وُجُوهِ الأَولَاد النضِرة، مُباشَرَة؛ وكَذَا التذَبذُب المُتَناقِض في نُسُق وكَيفِية مُعامَلتِهم اليومية؛ وإِبعَاد مُنغِّصَات التضَارب الإرشَادي المُشَتت؛ وتَجمِيد مُكدِّرَات التناقُض المِزاجِي المُشَوش، في أَريحِية نَهج تَوجِيهِ ظاهر سُلوكِهم، وِجدانِيًا ومَسلَكِيًا وجَسدِيًا، بتروٍ وحِكمَة، وفَائق حِنكَة؛ وعَدَم ”إِشهَار وإِظهَار“ قَدْحِ شَرَر الخِلافَات الشَّخصِية الهَامِشِية بَينَهم؛ ووُأد إشَاعَة إِطلَاق فَتِيل زَوبَعات المُنازَعَات الأُسَرية المُشَوِّهّة أَمَامَهم، في حِينِها؛ والتمسُك الجاد الوَاعِي بالتِزَام أَعلى مُكتسَبات الحِكمَة الهَادِية الهادِئة؛ وتَدرِيب وتَهذِيب ضَبطِ النفسِ عند الغَضَب؛ وتَعَهُّد قُبُول أَسمَى مُعطَياتِ الصَّبر الجَميل؛ واحتِضَان تَعالِيم أبجَدِيات السلُوك الحَكيم؛ وتَحصِين كَامِل أَجوَاء المَنزِل بمَسحَات الحَنان الرحِيم؛ وإِبدَاء سَبغَات الأُلفَة الوَادِعة في لُباب جَوهَرِها الصمِيم؛ وإِضفَاء لَمحَات لُمعَة الأُنس العَمِيم؛ وتَهيِئَة وتَنقِيَة ظِل المُناخ الأُسَري بأَسرِه، بمَا يُسعِد ويَعِد أَفرَاد الأُسرَة، فَردًا، فَردًا بمُستقبَلٍ مُشرقٍ واعدٍ، يُشار إِليه بالبَنان؛ ونَحنُ اليومَ، بتَوفِيق اللهِ ورِضَاه، نَحصُد مَا زَرَعناه؛ ونَهنَأ بجُل ريعِه، بكَفاءَة وعِنَايَة مُوفَّقتَين، كَمًا وكَيفًا!… وهَكذَا يَكونُ دَيدَن وِعَاء الحُبِّ الصادََق القَائم على قِمَم أُسُسِ المَحَبة المُتآلفَة؛ والسائِر الحَالِم على مُتُونِ أَكتَاف المحَجَّة الناصِعَة؛ والمُهتَمَّة - مَنهجًا وتَطبِيقًا - باستضافَة نُعُومَتها الفاخِرة، رَغبَةً في التلاحُم الجَم، وتَطلُّعًا إِلى الاحتِرام المُتَبادَل… لِتَبدُو سُيول المُمارَسات الأُسرِية المُثلى أُسُسًا مَحسُوسَة مَدرُوسَة، وتَلُوح مَبَادِئ مَتِينَة رَاسِخَة؛ لبِناءِ وتَشيِيد أَركَان مُستقبَلِ أْسرَة ناجِح؛ وتَغدُو هَيئتها المُتبَعة السابغَة أَصَالة، أَنمَاط شَواهِد، وأَركَان قَواعِد، ونَماذِج مَناقِب، في تَيسِير وتَسهِيل دَوران خِضَم عَجَلة الحَياة الراهِنة المُتَسارعَة، في وَعي غَمرَة نِظامِها الاجتماعي الأَمثَل الأَشمَل!

3. أَعجَبَتنِي بتأَمُّل يَقِظ المَقُولَة الرائدَة في خُصُوبَة سَاحَةِ الحُب الفَائِقة الرائِقة: «نِصفُ الحُبِّ ثِقةٌ، والباقِي اهتِمام» … وهُنا لا أكَاد أنسَى بأَنَّ الثقَة الزوجِية المُتبادَلة هِي عَقدٌ ثنائيٌ مُقدَّس مُشترَك بين الزوجَين المُتفاهِمَين، يَنبغِي أََن لَا تْزعزِعَه صُرُوف الزمَان، أَو تُؤرِّقه اضطرَابات الحَدَثَان… ويَحِق لنسِيج خُيُوط لُحمَة الثقَةِ المُتَدَاوَلة المُتَبَادَلة - في مُتُونِ دَفتَيها المُتماسِكَتَين - بَينهما، أَن تَحتَّل مَركزَ صَدارَة، وتَنال مَوقِع جَدارَة، لَا تنفَصِل أَنصَبَة أَمَانَتهما المُتقاسَمَة النِّد بَتاتًا، عن نَهجِ مَسِيرَة الحَياة الزوجية القَائمَة؛ وتَنحَل رِبقَة سَعادَتِها الدائمَة؛ وتَتخَاصَم ضَفَّتا وَفَائِها الصافِية؛ لتَتالَى وتَتوالَى، تَأَلق سَاحتِهما الوادِعتَين، بجَذب وسَحب مُلَاء أَشرِعة الحُب البيضاء المُنتَصِبة الناهِضَة... نَسيجُها سِمَة أَنفَاس الحُب الحَاضِرة المُتيقِّظة، التي مَا فَتِئَت بِرمَّتها - بجَمِيل رِفدِها الضَافِي؛ وبَادرَت ببَارِد سِقَائها، بالرِي المُجزِي - تشدُ الروَابِط المُثلى بَين رَأسَي الزوجَين المُتحَابَين بأَواصِر العِناية الذاتِية؛ وتُوَثَّق عُرَى الرعَايَة المُستَدامَة السائدَة بكَريم العَطاء السخِي؛ وتقدِّم صِلَات رَيعِهما المِعطاء الوافِر على ”أَطباقٍ مِن سَرق“ في كُل الأَمَاكِن، ومُختَلف الأَوقات؛ وفي جَميع الظُروف، وهَدأَة الأَحوَال؛ وفي جُل سُبُل ومَناحِي الحَياة السعِيدَة؛ ولأَنَّ الثقة الزوجِية المُقدسَة ”سِيرَة ومَسِيرَة“ - بِقَضِّها وقَضِيضِها - حِزام أَمَان حَامٍ من زعزَعة نَكَبات الزمَان؛ وشُعَاع دِفء حَاضرٍ في أَناقَة قِندِيلٍ مُضِيءٍ في زَهو غَمرَة مَخدَع الحُب الجَاذِب الساحِب؛ استوجَب على الزوجين الوَفِيَين أَصَالَة، أَن يَقُومَا على صِيانَة ورِعايَة كَفاءة عَمل القِنديل، رَمزًا ودَلالةً أََصِيلَة؛ لتَفعِيل وشَائِج المُعَاشَرَة السمحَة؛ وتأصيل رَوابِط المُخَالَقَة الحَسنة المُشتَركة الراسِخة بينما؛ ليُعشعِش وِثَاق الحُبُ الصادِق وَسط فَسَاحَة ونَقاوَة كَرَم توائمِه المُتَمَاثِلة المُترافِقَة: السلامُ، والوئامُ، الاحترامُ، والانسجامُ…!

4. ويَنال إِعجَابِي؛ ويَمتَلك استِحسَانِي؛ ويُطرِب مَسامِعي القَول الرائِع المُنتَزَع أَصَالة مِن صَمِيم تِجرِبَة الحَياة الزوجية المُثلى، بَطَلَته الزوجَة ”الواعِية الواعدة“: «حِينَ أغضبُ مِنكَ أُغمِض عَيناي، فأَتذَكَّر أَيَامَنا الحُلوَة الجَمِيلة مَعًا؛ فأُحِبُكَ أَكثَر» … إنَّها مُشَافَهَة وِجدَان أُنثَى حَانيَة؛ ومُقَارَعَة سَريرَة رَجلٍ وَقُورٍ، مُسدَاة ومُهدَاة - في جَوف غِلاف ”كَبسُولتِها“ الدوَائِية الرائعَة - ومُصَاغَة ”بأَرقِّ وأَدقِّ“ وأَنعَمِ هَمسَةٍ أنثويةٍ ”صَافِيةٍ ضَافِيةٍ“؛ أُهدِيَت وسِيقَت بعَفَوِية فائقة؛ وزُفَّت وبُشِّرَت بأَريحِية فَيضِ حَنَان الوَلَه الذاتِي المُتأَنِّق، في مُتسَع عَنان فَضَاء ونَقَاء مُنتَهَى بَوحِ أَيقُونات الجَمَال الأُنثَوِي المِغْنَاج المُدَلل؛ قَوَام طَلعتِه النضِرة، دَمَاثة الخُلق؛ وحُسن طَلَّتِه العَطِرة، سَمَاحَة الجَوهَر؛ وجَمال مَنظرِه الأََخَّاد - أَثِيرُه المُنبَث المُندَس بَراءَةً وحِشمَةً - وَراء لُدُونَة ونُعُومَة ورُخُوصَة نَسِيج قِنَاعِ الحُبَّ الشفَاف الفَاتِن؛ ليَحجُب ويَستُر وَجه ”تَبرُّجِه“ القَسِيم الوَضَّاء؛ ويُزين ظُهُوره الآسِر الفاتن أَصَالَة ورِقَّة مَشهُودَتين، ببَالغ قِمَم سِحرٍهِما ”الجَذاب الخَلاب“، في ظِل فَسَاحَةِ المَيدَان الأَرحَب، ووَساعَة مَندُوحَة صَفَاء الوِجدَان المُتيقِظ؛ لتضِيء جمال إشرَاقَته المَنثُورَة المَحبُورة، زَهوُا ومَرَحًا، في كَامِل زَوايا وجَنَبات ونَواحِي مَخدَع الحَياة الزوجية، قُبَال صَفٍّ ”لَامِع سَاطِع“ مِن أَزهَى قَنادِيل المَوَدَّة؛ لتَملأ سُوحَ وسُطُوح مُحِيطه المُتجانِس جَمالًا، وتَكسُو مَيادِين كَنفِه المُت?لِف حُسنًا، بأَضَواءِ شُمُوع الرَّحمَة الشامِلة المُبارَكة؛ وتَصُدها وتَحرِسها - نَفحَات البرَكة المُتبخِرَة المُنبَثَّة، تِبَاعًا مَنَعةً وعِزًّا - مِن تَسَلُّل حِزَم الوَهَن الضَّوئي الخَافِت إِلى أصلِ جَذوَةِ إشراقَتِها المُتأَجِجَة؛ لتُنِير بأَضوَائِها الشاطِحَة دَومًا، شَطر عَتمَة الظلَامِ الدامِس؛ لتَختَلِط أَضَواء قَنادِيل المَحَبة المُضَيئَة؛ وتَتمَازَج مَسارَات أشِعتِها النافِذة الواعِدَة، بإِهدَاء شُمُوخ وِعَاء المحبة الصادقة، وإِسدَاء سُطُوع بَوتقَة الحُب البَهِية، في فَضاءِ ونَقَاء سَمَاء مَنظُومَة ”عِشقٍ، آسِر خَلَّاب“، لَا يَنتَهِي دَفَق جَذّوَتِها المُتلَألِئ؛ ولَا يَخبو زَخَم شُعلَة نُورِها الوَضِيء؛ ولَا تَهدَأ أنغَام نَايِها الشجِية… وِطَاؤها - مَنثُور ومَبثُوت - ذلك العِشق الثنائي النابَض؛ وإِدَامها دَوَام المَحبة الحَانِية المِضيَاف؛ وغِطاؤها عِطر الأُلفَة المُتآلِفة في عُقر فِردَوس ”دَار النعِيم“؛ ولِحَافُها دِفء مَقصُورَة حَنان الأِْنسِ الرحِيم، وأَرِيكَتُها صَفاء الرُّفقَة، بكَامِل هَيكَل حُسنِها الوَدُود الحَمِيم!

5. كَتبتُ قُصَاصَةً شَوقٍ وحُبٍ، ذَات مَرةٍ، وأََنا ?َقطِن في بِلادِ الغْربَة إلى ”شَرِيك حَياتي“ … الحَياةُ في بِلادِ الغُربَة مَلِيئَة بالأَشوَاك المُؤلِمَة، ومُلَطخَة بالشظَايَا المُوجِعَة، وهَأنذَا اليوم، في مَحَط رِحَابِها المُضنِي أُكَابِدُ وأُُناهِضُ أطوَل وأَمَر الساعَات المُتعاقِبَة المُتتالِية، ”لَيل نَهار“، فبَادِرِي لِي بالكِتابة ”المُستَدامَة“؛ لأَنَّها جُرعَات دَوَاءٍ، وصِلَال مَحَبة، وعَطَاءات وَفَاء؛ تُقَوي وتَروِي نِياطَ القَلب رِيًا؛ وتَشُد وتَمد ذَاكِرَة الحُب حُضُورًا؛ وتَبقِي وتَملَأ حَافِظَة الذِّهن وَعيًا؛ لنُحَصِّنَ أَنفُسنا، بكَفاءَةٍ ومَتَانَةٍ، مِن شِدَّة أَلَم وَخز حَسَك الأَشوَاك المُؤلِمَة؛ لنَنسَى ونَتَناسَى ”بشَجَاعَة ومَنَاعَة“ ذاتِيتَين وَجَع لَسعِ وجَرحِ رُؤُوس أَشوَاك الشظايا المُنتَصِبَة الناتِئة، بعَزمٍ وحَزمٍ… وحَسبُنا الله، ونِعمَ الوكِيل!