شكرا خدام الحجيج
انتهى موسم حج هذا العام ألف وأربع مئة واثنين وأربعين للهجرة، وهو موسم استثنائي بكل مايحمله التعبير من أحاسيس ومشاعر وكلمات وجمل صادقة تجاه وصف هذا المجهود العظيم والمنقطع النظير. فقد كان حج ذلك العام متميزا منظما سلسا رائعا آمنا وأخذ بعين الاعتبار جميع الاحترازات ووسائل الأمن والأمان من تلك الجائحة أجارنا الله وإياكم من خبثها المقيت، وسارت الأمور كلها حسب ماخطط له من قبل الدولة حماها الله متمثلة بوزارة الحج والعمرة التي لم تهدأ ولم تكل بل كانت في ذلك وكأنها خلية نحل مترابطة متعاونة متماسكة؛ حتى أصبح رجالها وكوادرها الأوفياء من الجنسين يعملون على مدار الساعة غير آبهين لكل المتاعب والمخاطر والصعوبات التي يواجهونها، بل كان العمل دؤوبا مستمرا متواصلا دون انقطاع، بل قائم على قدم وساق طيلة تلك الفترة التي تلت موسم حج هذا العام، حتى كللت جميع الجهود بالنجاح المنشود وكما ينبغي ولله الحمد.
وتواجه وزارة الحج في بلدنا المعطاء والمحروسة بعين الله المملكة العربية السعودية في كل عام تحديات كبيرة ومتنوعة، ولكن سرعان ماتثبت للعالم كله أنها تحوي طاقات ذات كفاءة عالية بكل المقاييس والمواصفات الإبداعية لما تمتلكه من عقول ورجالات وإمكانات ضخمة وتقنيات متطورة، تزداد عاما بعد عام من تطوير وتحسين وخطط واستراتيجيات متعددة، وسخرت جميع تلك العوامل لإنجاح هذه الشعيرة المقدسة والتي هي بمثابة ظاهرة كونية تحدث في كل عام وتكون محط أنظار واحترام وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية.
أما عن موسم حج هذا العام والذي قد تصرم قبل بضعة أيام قليلة مضت فإنني أعتقد بل أجزم حقيقة ولما شاهدته عن كثب وبما أنني قد تشرفت وكنت أحد خدام ضيوف بيت الله العتيق ومنذ نعومة أظافري وكنت بين أفواج وقوافل الحجيج في تلك الرحلة الإيمانية المباركة، وإن هذا لشرف عظيم - لاشك - أن يقف الإنسان بين تلك الجموع من المؤمنين والمؤمنات وهو خادم لمن شدوا الرحال وعقدوا العزم لتلك التجارة الرابحة مع الله جل في علاه تاركين ورائهم ملذاتهم ورغباتهم، ومتوجهين بقلوب يملؤها الإيمان الصادق لتأدية تلك الفريضة الواجبة كما يستوجب تأديتها تجاهه تبارك وتعالى. فقد كان موسما ناجحا بل أكثر من ذلك بكثير حتى بات المراقب لتلك الفريضة لايسعه إلا أن يقف احتراما وإجلالا وتقديرا لهذه العطاءات المخلصة من جميع المعنيين من مسؤولين ومواطنين وعاملين وهذه واحدة أما الواحدة الأخرى:
فهي لشركات الحج من قطيفنا الغالية والقائمين على ذلك المنشط المقدس فلهم في القلب مكانة من ود ووئام لما بذلوه من جهد وعناء لتذليل كل الصعاب التي قد تعترض طريق الحاج. وفي واقع الحال وبناءً على ماتم في خضم الميدان كانت الجهود متظافرة على أوجها وانصهر جميع العاملين بذلك المضمار وتوحدت الرؤى واتفقت التطلعات للظهور بمستوى راقي وعالي يليق بضيوف الرحمن، وقدمت كل الخدمات اللائقة التي يحتاجها قاصدي العشق الإلهي فنالوا كل ما يستحقونه من رعاية واهتمام وإخلاص ومتابعة دقيقة يشار لها بالبنان.
فالشكر لكل من عمل لإنجاح هذا المحفل المقدس الذي فرضه الله العلي القدير على عبادة المؤمنين من رجال ونساء، والشكر والعرفان موصولان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود - حفظهما الله - على الدعم المباشر لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتسخير كل الإمكانات المتاحة، وتوفير سبل الراحة للارتقاء بالخدمات المقدمة للوصول لحج آمن؛ فجزاهم الله عن جميع المسلمين والمسلمات خير الجزاء.
وكذلك ومن واجبنا أن نشيد بشركة العصفور لخدمات حجاج الداخل وجميع التكتلات التي تندرج معها، وكذلك كل من عمل تحت ظل ذلك التكتل المبارك بما قدموه من خدمات متميزة عالية، وما ظهروا به من مستوى راقي من جميع النواحي دون استثناء، وحفضوا من خلاله كرامة الحاج، وبما يتفق وإنسانيته وعزته مراعين بذلك الجوانب الطبية والشرعية بتوفير كل مايلزم من طاقم صحي وكوادر تسهر على تلبية متطلبات الرعية للحجاج وللحاجات وكذلك تأمين فريق إرشادي عالي المستوى كاستضافة مجموعة من أصحاب الفضيلة المشايخ وعلى رأسهم سماحة آية الله السيد منير الخباز - دامت بركاته - والذي كان لوجود سماحته العامل الأساس لاستقاء المسائل الشرعية المبتلاة لحجاج منطقة القطيف والأحساء؛ فشكرا لسماحته هذا العطاء الوفير، سائلين الله سبحانه وتعالى أن ينفع بعلمه الوافر البلاد والعباد، وأن يمتده بالصحة والعافية وشكرا لوزارة الحج بكافة منسوبيها دون استثناء على تذلين كل الصعاب والعقبات؛ حتى تحقق المراد الذي ينشده المسلمون من حجاج وحاجات.