آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:06 م

أسطورة السعادة

إلهام حسين الصويلح

بقلم : رافا يوبا  

كيف يسوق صُنّاع السعادة وهم الهناء كهدفٍ ممكن التحقيق.

• البلاء حتمي. وسيساعدنا تقبله كحقيقة ثابتة على المدى البعيد.

• للتفاؤل الإلزامي نتائج عكسية.

• علينا تقبل الحياة كما هي.

لا تُعَد السعادة ظاهرة طبيعية فهي من صنع البشر. حيث أن تصميمنا الجيني يُثبّط حالة الرضا «ناهيك عن السعادة» لأنها تقلل حذرنا مما يمكن أن يهدد بقاءنا.

فالسعادة طيفٌ مراوغ، لكن صنّاع التفكير الإيجابي يزعمون معرفة أسرارها. فقد روّج نورمان فينسنت بيل لمبدأ مساعدة الذات - وهو قس أمريكي بارز كان مقرباً من بعض الرؤساء الجمهوريين كريتشارد نيكسون ودونالد ترامب. كما استحدث مفهوم «التفكير الإيجابي» الذي أصبح تأثيره المطرّد راسخاً في ثقافتنا. فبلغت قيمة قطاع تطوير الذات 38,28 مليار دولار عام 2019 ومن المتوقع نموها بمعدل 5,1%.

وصارت الأفلام والكتب زاخرة بالعبارات الملهِمة التي تُخبرنا أن «الإيمان بذواتنا يكفي لنحقق ما نشاء»، وهو افتراضٌ واضح البطلان. فلا حاجة لبيان أن المصاعب والعقبات جزء من الحياة. فقد عرف أسلافنا ذلك، وبُنيت الكثير من التقاليد الفلسفية والدينية حول تقبل تحديات الحياة وكُربِها. صحيحٌ أن علينا أن نحاول زيادة الرخاء وتقليل الشقاء في حياتنا «كما هو رأي الفلاسفة النفعيين»، ولكن يستحيل ان ينتج عن محاولاتنا هذه نعيمٌ دائم، فما هكذا خُلِقنا.

جديرٌ بالذكر أن وحش «مساعدة الذات» ليس متسقاً. فمن المفارقات المضحكة أن كتب المساعدة الذاتية التي تروج للسعادة توضع في نفس الأرفف مع كتب النجاح، فالأُولى تعلمنا أن الاهتمام المفرط بالثانية من العقبات الكبرى في طريق السعادة!

للصدام الحتمي بين التفاؤل الإلزامي وحقائق الوجود ثمنٌ نفسي باهظ. إذ أن علم النفس الإيجابي يلوم المكروبين على كُربهم. فبافتراض أن بإمكانهم تجنّب الشقاء لا بد أن فشلهم نتج من تقصيرهم وضعفهم. إضافة إلى ذلك يشجع هذا الاتجاه على الصمود في وجه العقبات التي تحول دون تحقيق الأهداف مما يسبب ضرراً نفسياً أكبرعلى المدى البعيد من تقبل الهزيمة.

أعتقد أن تقبّل الحياة كما هي لا كما يُصورّها صُنّاع السعادة سيزيدنا سعادة وتصالحاً مع أنفسنا ومع الكون، ولكن للأسف للوهم زينةٌ لا تُقاوَم.