اغتيال الأحلام
ليس الاغتيال هو قتل النفس وإماتتها، الاغتيال الاصعب هو قتل الاحلام وقتل الطموح هو قطف الورود قبل ان تزهر..الطموح عبارة عن رغبة داخل الفرد لتحقيق إنجاز ما، قد يكون هذا الانجاز على المستوى الفردي أو القومي أو العالمي، وهو حق مشروع لكل إنسان على وجه الأرض، ولولا هذه الرغبة، وهذا الطموح، ما كانت تلك الاكتشافات والاختراعات التي توصل إليها أصحابها من أجل خير الإنسانية جمعاء.
على هذا الأساس، من المفترض أن يقف الجميع، على المستوى الفردي، والمستوى المؤسسي، إلى جانب أصحاب الطموح، الذين يسعون جاهدين من أجل تحقيق انجاز ما، فالطموح إذن يعني الإنجاز، ولا حياة بلا انجازات، ومن ثم لا حياة بلا طموح.
وكان لي انجاز روايات توعوية اجتماعية تربوية وحلمي وطموحي أن تتوج هذه الروايات بفيلم سينمائي! إلا أن الحلم والاماني اغتيلت! حيث سعيت للوصول لمنتج او مخرج يتبنى العمل وبعدما وصلت للمخرج شعرت بأن الحلم سيكون حقيقة وإذا بي أتفاجأ بعدما ارسلت له الروايات بقوله انت ِأمام خيارين إما أن تنتجي الفيلم لأن اسمكغير معروف للناس وهذا اتوقع صعب عليك ماديا او تتنازلي عن اسمك لكاتب معروف فتباع الرواية وتنتج من قبل المنتجين العظام، هنا وقع الخبر كالصاعقة عليّ!
رأيت بالفعل قبح الحياة وزيفها فمتى نحتفل باحلامنا وامكانياتنا وطموحنا مادام افرادها بهذا الزيف؟!
كيف يكون لي اسم وللأسف كتبي مركونة على ارفف المكتبات والناس تسارع لاقتناء كتب الجريمة وروايات العشق! تاركة الكتب القيمة التي تحث على القيم والمبادئ وتحافظ على العادات والتقاليد غير أن موزعي الكتب يطلبون اموالا باهضة للدعاية والاعلان، منأين ندفع هذه الاموال مادام الناس عازفون عن اقتنائها، ليظهر في الوجود كاتب معروف وكتبه تدخل مسابقات دوليه ليسرق جهدي وينسبه لنفسه بل ويأخذ القصص والروايات بقصد الاعلان عنها وبيعها لتكون ضمن آفة نسيان الزمن.
فهل شعر بتأنيب الضمير جراء قتله حلمي وسرقة جهدي بلا وجه حق؟ ربما ليس بيدي شيءٍ اقاضيه به فالقانون لا يحمي المغفلين لكن حقي عند الله باق ٍ لن يضيع وهنا اغتيل وهج الطموح لديّ.
هل يا ترى سأعيش لليوم الذي ارى روايتي اصبحت فيلما والممثلين يتسابقون لأخذ دور فيه؟! وجميع كتبي بيعت!
لست أنا الوحيدة التي اغتيل حلمها، فكم من شاب طموح، اجتهد وتعب، خطط وصمم، ابتكر وأنجز، ورفع نتيجة جهده وسهره إلى مسؤولين عنه في العمل، أو في الدراسة، فلم يجد إلا حبس أفكاره وجهوده شهوراً في
أدراج هذا الموظف، وشهوراً أخرى، في أدراج ذاك، حتى يصل الشاب إلى مرحلة اليأس، تجمد حماسه، وذبل طموحه.
هؤلاء وغيرهم استغلوا المواقف بعيداً عن معاني النبل والشيمة والاخلاق، فإني أشك انهم ينظرون إلى المرآة، وإذا نظروا اليها خاطبوا أنفسهم بأنه لا بأس فنحن لم نخلق لنكون نبلاء، بل خلقنا بلا إنسانية.
يئست بعدما حدث لي ذلك لكني عدت مرة اخرى فالفشل أساس لكل نجاح وسيبقى اسمي هنا أثرا بعد حين.
ويكفيني قول الامام الشافعي
محنُ الزَّمانِ كثيرة ٌ لا تنقضي
وسرورهُ يأتيكَ كالأعيادِ
مَلَكَ الأَكَابِرَ فَاسْتَرقَّ رِقَابَهُمْ
وَتَرَاهُ رِقًّا في يَدِ الأَوْغَادِ