آخر تحديث: 26 / 12 / 2024م - 7:42 م

التعامل بطيب الكلام

سلمان العنكي

الكلمة الطيبة جوهرة تملكها دون عناء لا تتكلف أو تدفع ثمنا لشرائها شجرة مثمرة إن أحسنت زراعتها الواعي يستفيد منها ويفيد يزرع بذورها لتنبت أو هي نابه مورقة لها أدوار فاعلة خصوصاً إن صدورت من عظماء ووردت إلى عارفين لقيمتها.

«1» حين وجه سبحانه موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون قال ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى «43» فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى «44» «طه» والمؤكد انه تعالى يعلم إن كان فرعون يتذكر أو يخشى لإحاطته المسبقة بكل شيء وانما التبليغ بالرفق على الرجاء والطمع لا على اليأس من فلاحة وابلغ في دعوته للحق لذا أمرهما بان يقولا اللين مع جاحده ومَن بارزه ونازعه الالوهية إنها الطريقة المثلى المطلوبة ”الدعوة بلطف ولين“ كيف بمَن يوحده ويعبده؟ اليس احق بلين الكلام لا بقسوته؟

«2» قال تعالى مخاطباً نبيه الاكرم محمد عليه واله السلام ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 159 آل عمران وقال ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ «4» سورة القلم عُرف عنه صلى الله عليه واله أنه غيّر مجتمع عصره الجاف المتناحر في التعامل مع بعضه الى احباب رحماء بينهم يفدي بعضهم بعضاً يتقاسمون الدور وماملكوا وماذاك الا برحمة ولين وتسامح وخلق عظيم منه في مجتمع كفر أو ضعفاء ايمان اذاً هذا التعامل مع الموحدين اولى من الجاحدين. تُعِرض له عليه واله السلام بالسوء من جهال قومه سُحب رداءه حتى جُرح وقِيل له اعدل يا محمد انك لا تعدل وقالت احدى زوجاته ”اشك انك نبي“ فيرد بلين ولطف وابتسامة ويمنع اصحابه وهو في قوة ومنعة ان يمسوا احداً من هؤلاء بأذى هكذا كان يتعامل لا بغلظة ”عظمة محمد ورسالته“ وسار الائمة الاطهار من آله على نهجة

«3» الف الكاتب / حسين محمد الدخيل كتاباً اسماه ”الكلمة الطيبة“ استعرض فيه مواقف وادوار مَن تعامل بها وذكر شخصيات اثروا بكلماتهم الطيبة في مجتمعهم ومِن ابرزهم المتوفى يوم الاثنين 1442/12/2 هجرية الوجيه الملا / سعيد بن ناصر الخاطر الذي اشتهر محلياً واقليمياً بطيب كلامه وحلاوته واسلوبه الراقي الجذاب حل قضايا وحقق مطالباً لمجتمعه ”انصح الجميع بقراءة الكتاب“ الكلم الطيب في جميع الاحوال وسيلة إصلاح مؤثرة ”مهما قست القلوب الا مانذر“

هناك أماكن التأثير فيها اكثر فعالية منها: -

«اولاً» عندما يدخل الرجل بيته متعباً ويتلقى كلمة ترحيب طيبة من زوجته تنسيه كل متاعبه وان هو قابلها بكلمة حب أوقدم لها بسيطاً تشعر باهتمامه وكأنه ملكها شيئاً عظيماً وإن كان قليلاً

«ثانياً» في المدرسة تعامل المعلم بالطيب والاخلاق الحميدة له الدور الاكبر والمحفز الأول لتشويق الطلاب لدرسهم يتحسن مستواهم ويزداد حبهم لمادته والمدرسة

«ثالثاً» المسجد الصرح العبادي الطاهر تعامُل إمام الجماعية مع المصلين بأخلاق يشجعهم على ارتياده أما بمجرد أتصال على جوال أحدهم ولا ذنب له في ذلك ”وكلنا يعلم أنه أصبح اليوم ضرورة لا يمكن الدخول بدونه“ يحوله هذا وبعض متبعيه إلى مجرم بأسلوب مهين ومستهجن بين الحضور وكأن الاخير ارتكب مالا يُغتفر ”كيف به العودة ثانية؟“ ماذا عمل حتى يهان" وربما امتنع الكثيرون عن صلاة الجماعة خوفاً من تعرضهم لمثل موقفه نعم على المؤمنين الحرص الشديد وإغلاق جوالتهم ولكن النسيان يسيطر احياناً على الحواس فيبقى مفتوحاً ومن هنا اوجه رجائي إلى مشايخنا الكرام حفظهم الله ان يخففوا في تعاملهم في هذه الحالة ويراعوا المشاعر وحرمة اذية المؤمن حتى لا يزيد العزوف أكثر مما هو عليه.

«رابعاً» في الطريق تسامحك مع الاخرين ولو على حسابك الخاص بترك بعض حقوقك إن لزم الأمر له دور في منع حدوث الفتن ووأدها في وقت ولادتها دون إن تتحول إلى جريمة وتنشغل بها أياماً وشهوراً وقد تدفع حياتك ثمن تصرفك الأحمق.

«خامساً» في الدوائر الرسمية وما شابهها تعامل الموظف مع المراجع بإخلاص وبشاشة وجه وثغر باسم وتفهم صاحب الحاجة للإجراءات بصبر واحترام ونية حسنة لها تأثيرها الإيجابي في سرعة أنها الطلب بيسر وسهولة.

«سادساً» من يتعامل في السوق ”دنيانا سوق“ تجارة أو خدمة بمال أو بمعروف مع الزبون المحتاج بالكلم الطيب ورحابة صدر يكرر الأخير العودة اليه أو يستمع لقوله بعكس التعامل الخشن ينفر منه ويتعداه وإن كانت حاجته عنده.

«سابعاً» الاحترام في المجالس والتقدير خصوصاً من عليّة القوم في مقدمتهم العلماء لبعضهم أو لمن دونهم يحبب الكل إلى دخولها اما ما يصدر من سوء أخلاق المؤمل منهم الخير والأدب أو لابسي شعار الدين فبالتأكيد يتحاشى الدخول إلى مجالستهم.

«ثامنا» الحوارات البينية والنقاشات الموضوعية كلما كان الطيب هو سيد الموقف بين المشاركين وتقبل واحترام الرأي كلما تحقق النجاح وتضاعفت النتائج المرجوة والعكس يضاعف السلبيات.

كم كلمة أصلحت بين حيين وأخرى أشعلت نارَ حربٍ لسنين بين رحمين