ما لم يكن في الحسبان
بعث لي أحد الأخوة الأعزاء بمقطع فيديو يُجسد معنى الوفاء الأخوي في أسمى معانيه ومقاصده ولكن مازاد دهشتي وإنبهاري أن يأتي هذا الوفاء ليتمثل في حيوان عُرف بِشِدَته وانقضاضه على فريسته بأنيابه ومخالبه الحادة والمميتة.. إنه ملك الغابة «الأسد» ذلك الحيوان المُفتَرس لِتُزرع في قلبه الغريزي معنى الوفاء والمُساندة والإندفاع وقت الشدائد عندما لاحظ أن هُناك قطيع مِن الضِباع المُفترسة قد استوحدت بِأخيه من كل جانب للفتك به والهجوم عليه فبادر سريعاً لِنَجدة أخيه ليحميه ويُدافع عنه فتشارد ذلك القطيع وولى هارباً فاندفع الإثنان نحو بعضهما بعضاً فتعانقا وتحابا.
ياله من مشهد رائع فريد من نوعه يبين الوفاء المُتجَسِد في بهائم لا عقول لها ولكنه الحس الغريزي الفياض.
أليس حري بنا وأولى كبشر نملك من المشاعر والأحاسيس والعاطفة أن تنطلق هذه المُبادرة منا إتجاه بعضنا بعضاً في حالة حدوث أي نِزاع وشِقاق أو هجوم من معتدٍ غادر لا سمح الله لأنه لدينا من المُقومات والعوامل ما لا يملكه اي مخلوق آخر المُتمثل في العواطف والرحمة والإنسانية ما يفوق كل مخلوق على وجه هذه البسيطة، ام تغلب السبعية على فِعالنا وتُصرفاتِنا ونكون كالذِئاب ينهش كل منا الآخر عند حدوث أي تصادم أو خلافات على نزاع مادي أو معنوي فترى الشتائم والوعد والوعيد والتربص هو سيد الموقف، وننسى الارتباطات الأخوية والعائلية ووشائج الدم من أجل حفنة من المصالح الشخصية والمنافع الذاتية التي تشق جيب العلاقات وقوة الارتباطات الأسرية والاجتماعية فيما بيننا، بدلاً أن نكون صفاً واحداً وسنداً عند الشدائد وتأزم الأمور وكل منا يعذر الآخر ويغض النظر فيما أختلفنا عليه وتتقاطر التنازلات التي فيها مصالح قيمة لكل الأطراف حتى يعود الدفء وتَقوى العلاقات بدل تفككها وانهيارها فيحدث مالَ يخطر على بال أحد مِنا من العواقب والانتكاسات التي نحن في غنى عنها.
ولنا في نبي الله محمد وعترته صلوات الله عليهم وما قدموه من تضحيات جِسام حتى مع أعدائهم وظالميهم لخير دليل وبرهان فهم أسوتنا وقُدوتنا على ممر الدهور والازمان.